تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 19 - الجزء 2

  قلنا: أما عدم صحتها منهم؛ فلأنهم مخاطبون بها، وبشرطها وهو الإسلام، كما أنا مخاطبون بها وبشرطها وهو الطهارة.

  وأما سقوط القضاء عنهم فلقوله تعالى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣(⁣١)، وقوله ÷: «أما علمت أن الإسلام يجب ما قبله»⁣(⁣٢)، وسيأتي.

  وقيل: هم مكلفون بالتروك الشرعية، كترك الزنا؛ إذ لا يفتقر إلى نية، بخلاف الأفعال.

  قلنا: هم مأمورون بالشرط كما تقدم، وبفعله تصح منهم النية.

  (الثاني: ستر لون من سرة إلى ركبة من نحو رجل فلا ترى إلا بتكلف) إنما عدل عن عبارة الأزهار للاختصار مع الوفاء بالمعنى، كما لا يخفى إلا قوله: "ولا تنفذه الشعرة بنفسها"، ولم يذكره المؤلف أيده الله تعالى اختيارًا منه؛ لعدم اشتراطه⁣(⁣٣). قال: وإنما الشرط مجرد الستر فقط، [كذا]⁣(⁣٤) نقل عنه، والله أعلم.

  واكتفى بذكر اللون عن قوله في الأزهار: "وبما لا يصف". وأراد بنحو الرجل من لم ينفذ عتقها من الإماء المملوكات.

  والمذهب أن عورة الرجل والأمة الركبة إلى تحت السرة بقدر الشفه⁣(⁣٥)، فيجب ستر جميع ذلك في الصلاة، وستر ما لا يتم ستر ذلك إلا به⁣(⁣٦)، ولا يعفى عن انكشاف شيء منها وإن قل على المذهب⁣(⁣٧).

  قال أبو طالب: لأن كشف العورة يجري مجرى النجاسة، فكما لا يعفى عن شيء من النجاسة وإن قل، فكذلك لا يعفى عن شيء من العورة وإن قل.


(١) سورة الأنفال: ٣٨.

(٢) أحمد بن حنبل ٦/ ٢٤٦ رقم ١٧٨٤٤، عن عمرو بن العاص، وقال الألباني في إرواء الغليل ٥/ ١٣١: صحيح.

(٣) لفظ الأزهار ص ٣١: والثاني: سترُ جميع العورة في جميعها حتى لا تُرى إلا بتكلف، وبما لا يصف ولا تنفذه الشعرة بنفسها.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).

(٥) وذهب ابن أبي ذئب، وداود إلى أن العورة من الرجل القُبُلُ والدبر دون غيرهما، وهو رواية عن أحمد. ينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٠٦، والمغني ١/ ٦١٥، وشرح الأزهار ١/ ١٧٣، والتذكرة الفاخرة ص ٨٦.

(٦) فالركبة عند الزيدية والحنفية عورة. وقال الشافعي: «وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبته، ليس سرته ولا ركبتاه من عورته»، وبه قال أحمد، ومالك. ينظر: التذكرة الفاخرة ص ٨٦، وشرح الأزهار ١/ ١٧٣، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٠٦، والمغني ١/ ٦١٥.

(٧) وبه قال الشافعي. ينظر الحاوي ٢/ ٢١٥، والتحرير ١/ ٧١، والتذكرة الفاخرة ص ٨٦، وشرح الأزهار ١/ ٣٢.