تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 45 - الجزء 2

  وعن الفريقين تصح لهما⁣(⁣١).

  وعن المنصور بالله، والإمام يحيى: تصح للغاصب وغيره ما لم تضر المالك، فإن ضرته لم يصح، ولا اعتبار بكراهته⁣(⁣٢)؛ لما روي من أن النبي ÷ مر في أرض المنافق مع إظهاره الكراهة عند خروجه إلى أحد⁣(⁣٣).

  قوله أيده الله تعالى: (وتجوز فيما ظن فيه رضا) المراد بذلك ما سوى الأرض⁣(⁣٤) من ثوب، ودار، وغيرهما، فتجوز الصلاة فيهن حيث حصل للمصلي ظن رضاء⁣(⁣٥) مالكهن، ولا يكفي في ذلك عدم ظن الكراهة، بخلاف الأرض؛ فإنه يكفي ذلك في جواز الصلاة فيها كما تقدم. والمراد برضاء المالك عدم الكراهة لا غير، فالحاصل أن المعتبر في جواز الصلاة في الأرض عدم ظن الكراهة. وفي الدار والثوب ونحوهما ظن عدم الكراهة، ولا يخفى الفرق بينهما والوجه فيه. والله الموفق⁣(⁣٦).

  تنبيه: أما إذا كانت الأرض ليتيم أو مسجد فقال في الغيث: قد ذكر ابن أبي العباس وغيره جواز الصلاة في أرض اليتيم والمسجد مالم يؤد إلى ضرر، وذلك مبني على مذهب المنصور بالله. وأما على قول أبي طالب فلعله يأتي على الكلام في العرف: هل يجري على اليتيم والمسجد أم لا؟ قيل: ويجوز [أيضًا]⁣(⁣٧) التوضؤ بماء الغير إذا


(١) المجموع ٣/ ١٥٨، وحلية العلماء ٢/ ٥١، وعند بعض الشافعية والباقلاني أنها غير صحيحة مسقطة للقضاء. ينظر: المعاني البديعة ١/ ٢٥٦.

(٢) شرح الأزهار ١/ ١٨٥، والتذكرة الفاخرة ص ٩٠، والانتصار ٣/ ٥٧.

(٣) فقد روي أن رسول الله ÷ قال: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ بِنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ أَيْ مِنْ قُرْبٍ مِنْ طَرِيقٍ لا يَمُرُّ بِنَا عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ، فَنَفَذَ بِهِ فِي حَرّةِ بَنِي حَارِثَةَ، وَبَيْنَ أَمْوَالِهِمْ حَتّى سَلَكَ فِي مَالٍ لِمِرْبَعِ بْنِ قَيْظِيٍّ وَكَانَ رَجُلًا مُنَافِقًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ، فَلَمَّا سَمِعَ حِسَّ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَامَ يَحْثِي فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ، وَيَقُولُ: إنْ كُنْتَ رَسُولَ اللّهِ فَإِنّي لا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ حَائِطِي. وَقَدْ روي أَنّهُ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ ثُمّ قَالَ: وَاَللّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لا أُصِيبُ بِهَا غَيْرَك يَا مُحَمّدُ لَضَرَبْتُ بِهَا وَجْهَك؛ فَابْتَدَرَهُ الْقَوْمُ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لَا تَقْتُلُوهُ فَهَذَا الْأَعْمَى أَعْمَى الْقَلْبِ، أَعْمَى الْبَصَرِ .... ومضى رسول الله حتى نزل الشعب. ينظر: سيرة ابن هشام ٣/ ٦٩، والبداية والنهاية ٥/ ١٦.

(٤) عند أهل المذهب تجوز الصلاة في الأرض المغصوبة إذا كان المصلي فيها غير الغاصب. ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٨٦.

(٥) في الأصل: ظن برضاء.

(٦) في (ب، ج): والله أعلم.

(٧) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).