تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 51 - الجزء 2

  وأما الإجماع: فلا خلاف بين الأمة أن قبلة المسلمين الكعبة، ولا يجب نية استقبالها إجماعًا؛ إذ هو فعل لا يختلف وجهه، كرد الوديعة.

  وعن أبي العباس تجب نية استقبالها مرة في العمر⁣(⁣١).

  وأراد المؤلف بالقادر المتمكن من معاينة الكعبة أو محراب الرسول ÷ ولولم تحصل له المعاينة إلا بعد طلب كما مر في التيمم من وجوب الطلب إلى آخر الوقت، وقد تقدم تحقيق الكلام في ذلك؛ والوجه في ذلك أن صلاة المتحري بدلية كالمتيمم، ولا يجزئ البدل إلا بعد اليأس من المبدل منه⁣(⁣٢).

  وعن المنصور بالله والفقهاء أنه يتحرى إذا لم يكن معاينًا في الحال، ولا يؤخر؛ لفضل التوقيت، وليست صلاته بدلية، بل أصلية⁣(⁣٣) كالمبتعد؛ وللإجماع⁣(⁣٤) على أن أهل منى لا يؤخرون مع تمكنهم من طلب المعاينة⁣(⁣٥).

  قلنا: الواجب اليقين حيث أمكن كما [في]⁣(⁣٦) نظائره، وأهل منى خصهم الإجماع إن صح. وقوله: "كله" من زيادات الأثمار، ولا بد منه. والمراد به أن يسامت الكعبة أو جزءًا⁣(⁣٧) منها بجميع بدنه، ولا يكفي أن يسامت ببعض بدنه؛ إذ يصدق عليه أن يقال: لم يستقبل الكعبة، وإنما استقبلها بعضه⁣(⁣٨).

  وحكى في الغيث عن بعض المتأخرين أن العبرة بالوجه؛ لقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣(⁣٩) وصححه الإمام المهدي⁣(⁣١٠).


(١) الانتصار ١/ ٧٩١.

(٢) الانتصار ١/ ٧٩٦.

(٣) في (ب): الأصلية.

(٤) في (ج): والإجماع.

(٥) قول المنصور بالله، والفقهاء هو الذي اختاره الإمام يحيى بن حمزة. ينظر: الانتصار ١/ ٧٩٦، والتذكرة الفاخرة ص ٩٣.

(٦) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب، ج).

(٧) في الأصل: سامت الكعبة أو جزاءً. وفي (ب، ج): يسامت الكعبة أو جزء. وما أثبتناها: "جزءًا"؛ لأنها مفعول به منصوب.

(٨) في (ب): ببعضه. وفي (ج): يستقبلها ببعضه.

(٩) سورة البقرة: ١٤٤.

(١٠) شرح الأزهار ١/ ١٩٠، والبيان الشافي ١/ ١٩٥.