كتاب الصلاة
  وقوله: "لجزء من الكعبة" هذا هو المذهب أن استقبال جزء من البيت يقوم مقام استقبال جميعه، أيَّ جزء كان، وعلى أي صفة كان(١)، وقال الشافعي: لا بد أن يكون مستقبلًا لجزء منتصب منه. قيل: قدر ثلثي ذراع. ولا فرق على هذين القولين بين أن يصلي خارجها، أو في جوفها، أو في عرصتها، لو انهدمت - والعياذ بالله - أو على ظهرها، وحمل حديث النهي المتقدم على ما إذا لم يبق أمام المصلي جزء منها(٢). وعند أبي حنيفة أن الصلاة تصح وإن لم يبق قدام المصلي شيء منها مطلقًا(٣)، فظاهر كلام الهادي أنه لا فرق في ذلك بين الفرض والنفل(٤).
  قال المهدي: إلا ركعتي الطواف، فتكره(٥) صلاتهما في غير خلف مقام إبراهيم(٦).
  وقال مالك: لا يجوز في باطنها الفرض والوتر وركعتا الفجر(٧).
  وقال أبو ثور: لا يصلى فيها فرض ولا نفل(٨).
  وأما الحجر فظاهر كلام أهل المذهب أنه يجزئ(٩) استقباله؛ لأنه من البيت، ولذلك أوجبوا أن يكون الطواف من خارجه(١٠).
  وعن بعض الشافعية: لا يكفي استقبال شيء من الحجر؛ لأن(١١) كونه من البيت غير متيقن؛ إذ الحديث الوارد [بأن](١٢) ستة أذرع أو سبعة أذرع منه من البيت خبر آحاد(١٣) لا يفيد يقينًا بل ظنًّا، وهو هنا غير كاف(١٤). انتهى.
(١) أصول الأحكام ١/ ٩٨، والتذكرة الفاخرة ص ٩٣، والبيان الشافي ١/ ١٩٦.
(٢) روضة الطالبين ص ٩٧، والعزيز شرح الوجيز ١/ ٤٤١.
(٣) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٣٤.
(٤) وهو مذهب الحنفية، والثوري، والشافعي. ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٩٠، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٣٣، وروضة الطالبين ص ٩٦، والعزيز شرح الوجيز ١/ ٤٤١.
(٥) في (ب): فكره.
(٦) البحر الزخار ١/ ٢١٩.
(٧) المدونة ١/ ١٨٣، والكافي لابن عبد البر ١/ ١٦٤، وعيون المجالس ١/ ٣٢٩، وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أنه لا تصح الفريضة في الكعبة ولا على ظهرها. المغني لابن قدامة ١/ ٧٢٠.
(٨) هذا القول منسوب لابن جرير الطبري. ينظر: حلية العلماء ٢/ ٧٠.
(٩) في (ب): أنه يجوز استقباله.
(١٠) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٩١، والبحر الزخار ١/ ٢١٩.
(١١) في (ب): لأنه.
(١٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(١٣) في (ب، ج): خبر آحادي.
(١٤) ينظر مجموع النووي ١/ ١٩٥، وروضة الطالبين ص ٩٩.