كتاب الصلاة
  وقوله: "أو جهة محراب الرسول الباقي" قيل: المراد بمحراب الرسول ÷ موقفه في صلاته، فإنه لم يكن في عهده ÷ محراب، أي طاق، فحيث ضبط موقفه في صلاته في المدينة أو غيرها تعين، فلا يجتهد فيه بوجه؛ لأنه صواب قطعًا؛ إذ لا يقر عليه الصلاة والسلام على خطأ(١). انتهى.
  وظاهر عبارته عدم وجوب استقبال عين المحراب كما قد توهم ذلك عبارة الأزهار(٢).
  وأما عبارة الأثمار فمصرحة بالمرام خالصة من الإيهام.
  وقوله: "الباقي" أي المعلوم بقاؤه على ما كان عليه في عهد النبي ÷ من دون تقديم ولا تأخير ولا تحويل، فالمعاين له بمنزلة المعاين للكعبة في أنه لا يجزيه التحري، بل يجب عليه تيقن استقبال جهة ذلك المحراب، وكذا من هو في حكم المعاين له، بأن يكون في جهة المدينة، ولو طلب كما تقدم، ويأتي فيه الخلاف المتقدم فيمن هو في حكم المعاين للكعبة(٣).
  وعن بعض الشافعية أن الحايل عن معاينة الكعبة إن كان من فعل الله كالجبل جاز التحري، وإلا فوجهان: الأصح الجواز، فيأتي مثله في محراب النبي ÷(٤).
  وعند المنصور بالله أنه لا يجب تيقن مقابلة عين الكعبة إلا إذا كان بينه وبينها ميل فما دون، وإلا تحرى(٥)، ويأتي مثل ذلك هنا، والله أعلم.
  قوله أيده الله تعالى: (ويعمل غيره بخبر عدل معاين) أي يجب على غير القادر على المعاينة، كالأعمى، والمحبوس، أن يعمل في الاستقبال بخبر عدل معاين للكعبة أو لمحراب
(١) شرح الأزهار ١/ ١٩٢، والبيان الشافي ١/ ٢١٢، والعزيز شرح الوجير ١/ ٤٤٥، وروضة الطالبين ص ٩٨.
(٢) لفظ الأزهار ص ٣٢: السادس: تيقن استقبال عين الكعبة أو جزء منها، وإن طلب إلى آخر الوقت، وهو على المعاين ومن في حكمه، وعلى غيره في غير محراب الرسول ÷ الباقي التحري لجهتها.
(٣) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٩٢، والبيان الشافي ١/ ٢١٣.
(٤) ينظر: المهذب ١/ ٢٨٨ قال: وإن كان في أرض مكة فإن كان بينه وبين البيت حائل أصلي كالجبل فهو كالغائب عن مكة، وإن كان بينهما حائل طارئ، وهو البناء ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يجتهد؛ لأنه في موضع كان فرضه إلى الرجوع إلى العين؛ فلا يتغير فرضه بالحائل الطارئ. والثاني: أنه يجتهد، وهو ظاهر المذهب؛ لأن بينه وبين البيت حائلًا يمنع المشاهدة، فأشبه إذا كان بينهما جبل، وينظر: روضة الطالبين ص ٩٨.
(٥) شرح الأزهار ١/ ١٩٦، قال الفقيه يوسف: وهو الذي صحح للمذهب.