تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 57 - الجزء 2

  قيل: ومن خشي فوت الوقت بالتحري عمل باجتهاد غيره⁣(⁣١)، ومن عمل بتحري غيره عالمًا بوجوب التحري عليه أعاد في الوقت وبعده⁣(⁣٢).

  وأما الجاهل والناسي فيعيدان في الوقت لا بعده، والله أعلم.

  قوله أيده الله تعالى: (ثم تقليد عدل، ثم نحو محراب⁣(⁣٣)، ثم حيث شاء آخر الوقت) هذا فرض غير المعاين الذي لا يمكنه التحري بالنظر في الأمارات التي تقدم ذكرها، وهو أنه يجب عليه التقليد لعدل يعرف الأمارات فيعمل بقوله، ولا يرجع إلى المحاريب المنصوبة مع وجود العدل العارف. هذا قول أبي طالب⁣(⁣٤)؛ لأن تقليد الحي أولى من تقليد الميت كما تقدم في المقدمة.

  وقال المؤيد بالله: بل الرجوع إلى المحاريب أولى؛ لأنها وضعت بإزاء واجتماع. والأرجح ما ذكره علي خليل وغيره من أن ذلك موضع⁣(⁣٥) اجتهاد، فيعمل المصلي بالأرجح عنده، فإذا كان المخبر في أعلى مراتب المعرفة والورع فتقليده أولى من الرجوع إلى المحاريب مطلقًا، وإن لم يكن كذلك فالرجوع إلى محاريب الجوامع المأهولة أولى من التقليد له، وعلى هذا القياس فيعمل بما غلب⁣(⁣٦) به ظنه في تلك الحال⁣(⁣٧).

  قال في الغيث: الأرجح فيما عدا الجامع من المساجد القديمة في صنعاء، أن لا يرجع إليها رأسًا، بل يعدل إلى قول من له بعض تمييز في القبلة دونها، فإنه قد ظهر الخطأ فيها تشريقًا وتغريبًا. انتهى⁣(⁣٨).


(١) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٩٤، والبيان الشافي ١/ ٢٠٤.

(٢) هو قول الإمام المهدي أحمد بن يحيى. ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٩٧، وعند والمالكية: من صلى بغير اجتهاد فلا يجزئه. المعونة على مذهب عالم المدينة ١/ ١٥٢.

(٣) ذهب أحمد بن حنبل إلى أنه لا يجوز أن يستدل بمحاريب الكفار، وإنما يجوز بمحاريب المسلمين، وإن وجد محرابًا لا يعلم هل هو للمسلمين أو لغيرهم؛ فلا يجوز الاستدلال به؛ لأنه قد يكون الباني له مشركًا مستهزئًا بغربة المسلمين لو كانت عليه آثار الإسلام. المغني ١/ ٤٥٨.

(٤) شرح الأزهار ٢/ ١٩٤.

(٥) في (ب): مواضع.

(٦) في (ب، ج): بما يغلب.

(٧) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٩٤، والبيان الشافي ١/ ٢١٤، والتذكرة الفاخرة ص ٩٣، والانتصار ٢/ ٨٣٥.

(٨) شرح الأزهار ١/ ١٩٤.