كتاب الصلاة
  لأبي حنيفة(١)، و ابن حنبل فيه(٢)، ولا فرق في ذلك بين الرواتب وذوات الجماعة(٣) وغيرهن؛ لظاهر [عموم](٤) الدليل والله أعلم.
  الفائدة الثالثة: في بيان شرائط الترخيص في ذلك:
  أما أهل المذهب فلم يصرحوا بغير اشتراط الركوب في غير المحمل، ولم يصرح باشتراط السفر منهم إلا الإمام يحيى(٥).
  قال: وفي الحاضر وجهان: المختار أنه لا يجوز(٦). وظاهر إطلاقهم عدم جواز الترخيص للماشي. واختار المؤلف جوازه قياسًا على الراكب كما تقدم.
  وقال الإمام المهدي في البحر: إنه قياس المذهب(٧)، وهو قول الشافعي(٨)، وكذلك لم يذكر أحد منهم اعتبار الميل فصاعدًا؛ إما لعدم اشتراط السفر، وإما لفهم ذلك من اشتراطه، وعلى القول باشتراط السفر لا فرق فيه بين الطويل والقصير؛ لإطلاق الحديث، وَمَثَّلَ بعض الشافعية القصير بالميل(٩)، كما ذكره المؤلف أيده الله
(١) يجوز أن يصلي المسافر التطوع راكبا عند أبي حنيفة وأصحابه دون المقيم وصلاة الماشي حيثما كان وجهه لا تجوز عند الفقهاء وتجوز عند أحمد، المبسوط ١/ ٢٠٠٥٣، وتحفة الفقهاء ١٥٥، والمغني ٢/ ٤٥٤.
(٢) لأحمد بن حنبل في الماشي روايتان: إحداهما: له الصلاة حيث توجهت؛ لأنها إحدى حالتي سير المسافر، فأشبه الراكب، لكنه يلزمه الركوع والسجود على الأرض مستقبلًا لإمكان ذلك، والثانية: لا يجوز، وهو ظاهر قول الخرقي؛ لأن الرخصة وردت في الراكب، والماشي بخلافه. ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد ١/ ٨٢، والمغني ١/ ٤٥٤.
(٣) أي من النوافل كصلاة الكسوف. ذهب الشافعية إلى أنها لا تجوز صلاة العيد والكسوف والاستسقاء على الراحلة. روضة الطالبين ص ٩٦.
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (الأصل)
(٥) البحر الزخار ١/ ٢٠٥، وشرح الأزهار ١/ ١٩٥، وعبارة التحرير لأبي طالب ص ٧٦ تدل على أنه اشترط السفر؛ فإنه قال: والمسافر فإنه يجوز له أن يتنفل على راحلته، ويتوجه حيث تتوجه، إلا أن يكون في محمل؛ فإنه يتوجه إلى القبلة.
(٦) المهذب ١/ ٢٣٣، وروضة الطالبين ص ٩٦.
(٧) البحر الزخار ١/ ٢٠٥.
(٨) المهذب ١/ ٢٣٣، وروضة الطالبين ص ٩٦.
(٩) عند الشافعية، والحنابلة، والحنفية: يجوز ذلك - أي التنفل في كل سفر. ينظر: المجموع ٣/ ٢٣٩، والمغني ١/ ٤٥١، والإنصاف ٢/ ٣٣. أما عند المالكية: فإنه لا يتنفل على الدابة إلا في سفر لقصر مثل الصلاة. ينظر: عيون المجالس ١/ ٣٩٤.