تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 61 - الجزء 2

  تعالى، وبعضهم بأن يخرج إلى مكان لا⁣(⁣١) يلزمه فيه الجمعة لعدم سماعه النداء. وذُكِرَ الماشي والميل ونحو المحمل من زيادات الأثمار.

  والمراد بنحو المحمل: المَحِفَّةُ⁣(⁣٢)، والسفينة في حال، والسرير المحمول على أكتاف الرجال، وزاد غير أهل المذهب شروطًا لم يصرحوا بها، منها: أن يتوجه المصلي إلى صوب سفره؛ لأن ذلك يدل عن التوجه إلى القبلة، فإن عدل عن صوب سفره وكان عدوله إلى غير القبلة أيضًا لغير عذر بطلت صلاته، ومن العذر أن يعدل به غيره قهرًا، أو تجمح به الدابة، أو يخطئ الطريق، أو ينسى كونه في الصلاة، فلا تبطل صلاته، في هذه⁣(⁣٣) الصورة ما لم يطل عدوله⁣(⁣٤).

  قلت: وأهل المذهب لا يخالفون في اعتبار هذا الشرط، وإن لم يصرحوا بذلك؛ إذ هو ظاهر الأخبار، والله أعلم.

  ومنها: أن لا يكون في سفر معصية⁣(⁣٥)؛ لأن الرخصة لا تناط بالمعصية، والمذهب عدم اعتبار هذا الشرط؛ لعموم الأدلة.

  ومنها: أن يكون للمصلي في مسيره مقصد معين بخلاف الهائم، وطالب الضالة ونحوهما، فإنه لا يرخص لهم في ترك استقبال القبلة⁣(⁣٦). قالوا: ووجه اعتبار هذا الشرط والذي قبله أن مِنْ أهم مقاصد المصلي أن يجتمع همه ولا يتوزع فكره، ولزوم وجهة واحدة محصِّل لذلك، وجعلت تلك الوجهة الكعبة لشرفها، فإذا أبدلت عنه وجهة السفر للحاجة إليه قامت مقامها في اشتراطها، فلم يجز العدول عنها على غير الأصل وهي الكعبة؛ محافظة على المعنى المقتضي للاستمرار على الجهة الواحدة. والهائم ونحوه ليس له مقصد معين، فلا يلزم وجهةً واحدةً، فيفوت بترخصه⁣(⁣٧) المعنى المقصود، فلا تصح صلاته لغير القبلة.


(١) قي (ب): ولا يلزمه.

(٢) المحفة: مركبٌ من مراكب النساء كالهودج، إلا أنها تُقبَّبُ كما تقبب الهوادج. مختار الصحاح ص ٩٠.

(٣) في (ب، ج): وهذه الصورة.

(٤) ينظر: روضة الطالبين ص ٩٦.

(٥) روضة الطالبين ص ٩٤.

(٦) قال في روضة الطالبين ص ٩٦: وليس لراكب التعاسيف ترك الاستقبال في شيء من نافلته، وهو الهائم الذي يستقبل تارة ويستدبر تارة، وليس له مقصد معلوم.

(٧) في (ب، ج): بترخيصه.