كتاب الصلاة
  الفائدة الخامسة: في بيان ما تبطل به صلاة المترخص المذكور: قد تقدم أنها تبطل صلاته بالعدول عن صوب سفره إلى غير القبلة لغير عذره، وتبطل أيضًا بالعدو ماشيًا أو راكبًا لا لحاجة، وإن قصر زمنه لوجوب الاحتراز في الصلاة عن الأفعال إلا ما يستثنى.
  قيل: فإن فعل ذلك لحاجة، أو ضرب دابته، أو حرك رجله لتسير فلا بأس، وتبطل بوطئه نجاسة بقدمه ولو جافة، وخطأ، ولو عمت الطريق، ولم يجد عنها معدلاً.
  وقيل: لا تبطل بوطء الجافة إلا عمدًا.
  وقيل: يحتمل أن لا تبطل حيث لا يجد معدلًا عن وطء النجاسة، والله أعلم(١).
  الفائدة السادسة: فيما إذا دخل المترخص الراكب وطنه أو دار إقامته في حال صلاته.
  يحتمل أن تبطل صلاته لزوال موجب الترخص، وهو المسير. وقيل: ينزل ويبني ولا تفسد، وهو يأتي على القول بأن الفعل الكثير لإصلاح الصلاة لا يفسدها، والله أعلم(٢).
  تنبيه: قد فهم من قوله: "كمتنفل" إلخ. أن صلاة الفرض ولو جنازة لا تصح لغير ملجأ من ماش ولا راكب، ولو أمكنه استيفاء الأركان؛ لأن استقرار المصلي شرط خولف في نوافل السفر؛ للدليل، وسواء كانت الدابة واقفة أو سائرة عندنا(٣)، خلاف الشافعية في الوقفة لاستقراره في نفسه(٤).
  قالوا: ومثلها الأرجوحة المشدودة بالحبال، والسرير الذي ترفعه الرجال، فإن ساروا بالسرير فوجهان(٥):
  قالوا: وأما السفينة السائرة فيصح الفرض فيها؛ لأنها كالبيت، والحاجة ماسة إلى تسييرها مع تعذر الخروج منها لكل فرض(٦).
(١) روضة الطالبين ص ٩٦ - ٩٧.
(٢) روضة الطالبين ص ٩٧.
(٣) أصول الأحكام ١/ ٩٥.
(٤) قال في روضة الطالبين ص ٩٥: شرط الفريضة أن يكون مصليها مستقرًا، فلا تصح من الماشي المستقبل، ولا من الراكب المخل بالقيام أو استقبال، فإن استقبل وأتم الأركان في هودج أو سرير أو نحوها على دابة فقد صحت الفريضة على الأصح.
(٥) روضة الطالبين ص ٩٦.
(٦) روضة الطالبين ص ٩٦، ومختصر الطحاوي ص ٣٤، وقال فيه: ومن صلى فريضة في سفينة قاعدا وهو يطيق القيام فإن ذلك يجزئه في قول أبي حنيفة، والانتصار ٣/ ٨١.