كتاب الصلاة
  قوله أيده الله تعالى: (ويكفي متحريا شك بعد التكبيرة أن يتحرى أمامه فينحرف) قد أفادت هذه الكلمات المباركات أن من تحرى لطلب القبلة فحصل له ظن بجهتها فتوجه إلى تلك الجهة، ودخل(١) في الصلاة بتكبيرة الإحرام، ثم عرض له شك فيها قبل فراغه من الصلاة وجب عليه أن يتحرى مرة ثانية بأن ينظر أمامه لطلب الأمارة،
  ولا يلتفت لذلك يمنة ولا يسرة لأجل شكه، إلا قدرا يسرًا لا يعد مفسدًا للصلاة، فإن حصل له ظن بتحريه الثاني أن الصواب غير الجهة الأولى وجب عليه أن ينحرف إلى تلك الجهة الثانية ولو كان انحرافا كثيرًا، كأن ينحرف من قدام إلى خلف ويبني على ما قد مضى من صلاته، وكذلك لايزال يفعل كلما ظن خطأ التحري الأول وصواب غيره، ولو أدى ذلك إلى أن يصلي الرباعية كل ركعة إلى جهة، ولا يجوز له الخروج من الصلاة واستئنافها، إلا ان يحصل له علم يقين بخطأ تحريه الأول لزمه الاستئناف(٢).
  فأما لو دخل في الصلاة بغير تحر فإنه لا يجوز له البناء، ولو ظن الإصابة، بل يجب عليه الاستئناف، إلا أن يعلم الإصابة عند من يعتبر الحقيقة فيبني عندهم(٣)، وكذلك لو التفت في صلاته التفاتًا كثيرا لمجرد الشك فإن صلاته تفسد بذلك، ويلزمه الاستئناف(٤).
  فإن قيل: من صلى الرباعية إلى الأربع الجهات بأربع اجتهادات فقد تيقن الخطأ في ثلاث(٥) منها، فهلا أوجبتم عليه الإعادة كما تقولون: فيمن تيقن الخطأ في الوقت؟
  فجوابه: [أنه](٦) هاهنا لم يتيقن خطأ معينًا ولا حصل له علم بالصواب [هنا](٧) بخلافه ثمة.
  ومن لم يحصل له ظن بجهة القبلة إلا بتلفت كثير فالأقرب أنه يلزمه الاستئناف، ذكر معناه في الغيث، والله أعلم(٨).
(١) في (ج): فدخل في الصلاة.
(٢) شرح الأزهار ١/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٣) شرح الأزهار ١/ ١٩٦.
(٤) شرح الأزهار ١/ ١٩٦.
(٥) في (ب): في ثلاث جهات منها.
(٦) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٧) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٨) شرح الأزهار ١/ ١٩٦.