كتاب الصلاة
  وإنما عدل المؤلف أيده الله تعالى عن قوله في الأزهار: "وينحرف" إلى قوله: "فينحرف" للتصريح بأن الانحراف(١) إنما يجوز عقيب حصول الظن بالتحري الثاني؛ إذ الفاء للتعقيب، بخلاف الواو، وأسقط قوله في الأزهار: "ويبني للعلم به"، والله أعلم(٢).
  [قوله](٣): (ولا يعيد إن تيقن الخطأ إلا في الوقت كمخالف(٤) جهة إمامه(٥) غالبا) أي لا يجب على المتحري أن يعيد ما قد صلاه(٦) بتحريه ولو تيقن الخطأ، إلا حيث كان وقت تلك الصلاة باقيا؛ لبقاء الخطاب حينئذ، فأما(٧) بعد خروج الوقت فلا تلزمه الإعادة؛ لخبر السرية، وهو ما رواه في الشفاء وغيره عن جابر قال: بعث رسول الله ÷ سرية كنا فيها، فأصابتنا ظلمة ولم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هاهنا قبل الشمال، وخطوا خطوطا، وقال بعضهم: القبلة هاهنا قبل الجنوب، وخطوا خطوطا، فلما أصبحنا وطلعت الشمس أصبحت الخطوط إلى غير القبلة، فسألنا النبي ÷ لما قفلنا، فأنزل الله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}(٨). انتهى(٩). والذي في الجامع عن عامر بن ربيعة(١٠) قال: كنا مع رسول الله ÷ في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله ÷ فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أخرجه الترمذي(١١).
(١) في (ب): للتصريح بالانحراف.
(٢) لفظ الأزهار ص ٣٣: ويكفي مُقَدِّمُ التحري على التكبيرة - إن شك بعدها - أن يتحرى أمامه وينحرف وينبني.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٤) في (ب، ج): كمخالفة.
(٥) قال في شرح الأزهار ١/ ١٩٧: إنما يتصور ذلك في ظلمة أو ما في حكمها.
(٦) في (ب، ج): ما قد صلى.
(٧) في (ب، ج): وأما.
(٨) سورة البقرة: ١١٥.
(٩) شفاء الأوام ١/ ٢٢٦، وأصول الأحكام ١/ ٩٥ رقم ٣١٥، باب التوجه والبقاع التي يصلي عليها وإليها، وسنن البيهقي ٢/ ١١، كتاب الصلاة، والدارقطني ١/ ٢٧١، كتاب الصلاة - باب ما جاء ف الاجتهاد في القبلة، والدارقطني ١/ ٢٧١، كتاب الصلاة - باب ما جاء في الاجتهاد في القبلة، والدر المنثور للسيوطي ١/ ٢٠٥ تفسير سورة البقرة، وعزاه إلى ابن مردويه.
(١٠) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي، أسلم قديما بمكة، وهاجر الهجرتين، شهد المشاهد كلها مع رسول الله ÷، توفي سنة ٣٢ هـ، وقيل: غير ذلك. الاستيعاب ٢/ ٣٢٩، وأسد الغابة ٢/ ٣٣٩.
(١١) الترمذي ٢/ ١٧٦ رقم (٣٤٥)، أبواب الصلاة - باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة، وقال: هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع يُضَعَّفُ في الحديث.