كتاب الصلاة
  خطأ تحريه الأول لا حيث شك فيه فقط، إلا عن أبي العباس وأبي مضر فقالا: يلزمه تجديد التحري حيث شك في صحة تحريه الأول(١)، وعن الشافعي أنه يجب عليه تجديد التحري مطلقا لكل صلاة واجبة ولو كان واقفا في مصلاه الأول(٢)، قيل: إلا إذا كان ذاكرا لدليل الاجتهاد السابق لم يجب التجديد. قالوا: فأما النفل فلا يجدد له الاجتهاد كما لا يجدد له التيمم، ومثله صلاة الجنازة، قالوا: وفارقت القبلة الثوب والماء في ذلك؛ لأن القبلة في الأصل مبنية على اليقين بخلاف الطهارة والستر. انتهى(٣).
  تنبيه: أما من صلى إلى جهة بالتحري، ثم غلب على ظنه خطأ تحريه [الأول](٤)، وهو في الصلاة ولم يحصل ظن بالإصابة في أي الجهات الأخر، فالظاهر أنه يجب عليه الخروج من الصلاة وإعادة التحري(٥)، فإن حصل له ظن عمل به، وإلا انتظر آخر الوقت وصلى إلى أي الجهات اتفق، والله أعلم(٦).
  قوله أيده الله تعالى: (ويكره استقبال نائم، ونجس، ونحوهما في القامة غالبا) أما كراهة استقبال النائم فلما رواه أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله ÷ قال: «لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث(٧)»(٨). وأما النجس فللتنزه عنه.
  قال في الغيث: قال يحيى في المنتخب: أحب أن لا أصلي إلى جدار مبني بنجس من طين أو مدر، وإن طُيِّنَ بطاهر، إلا أن يكون ما طُيِّنَ به غليظًا يقوم بنفسه لو انهدم
(١) التذكرة الفاخرة ص ٩٤، والبيان الشافي ١/ ٢١٦، والانتصار ٢/ ٨٣٤.
(٢) قال في المهذب ١/ ٢٢٩: وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم حضرت صلاة أخرى؛ ففيه وجهان: أحدهما: أنه يصلي بالاجتهاد الأول؛ لأنه قد عرف بالاجتهاد الأول، والثاني: يلزمه أن يعيد الاجتهاد، وهو المنصوص عليه في الأم، وقال في روضة الطالبين ص ١٠١: إذا صلى باجتهاده ثم أراد فريضة، وحلية العلماء ٢/ ٧٣.
(٣) روضة الطالبين ص ١٠١.
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).
(٥) في شرح الأزهار ١/ ١٩٦: أنه لا يجوز له الخروج والاستئناف إلا أن يعلم علمًا يقينا خطأ الأول، ونحوه في الانتصار ٢/ ٨٣٤.
(٦) شرح الأزهار ١/ ١٩٥.
(٧) في (ب): ولا المحدث.
(٨) أخرجه أبو داود في السنن ١/ ٤٤٥ رقم (٦٩٥)، كتاب الصلاة - باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام، وقال الخطابي في معالم السنن ١/ ٤٤٥: هذا حديث لا يصح عن النبي؛ لضعف سنده، وعبد الله بن يعقوب لم يسم من حدثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيفان: تمام بن بزيع، وعيسى بن ميمون، وقد تكلم فيهما يحيى بن معين.