تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 67 - الجزء 2

  خطأ تحريه الأول لا حيث شك فيه فقط، إلا عن أبي العباس وأبي مضر فقالا: يلزمه تجديد التحري حيث شك في صحة تحريه الأول⁣(⁣١)، وعن الشافعي أنه يجب عليه تجديد التحري مطلقا لكل صلاة واجبة ولو كان واقفا في مصلاه الأول⁣(⁣٢)، قيل: إلا إذا كان ذاكرا لدليل الاجتهاد السابق لم يجب التجديد. قالوا: فأما النفل فلا يجدد له الاجتهاد كما لا يجدد له التيمم، ومثله صلاة الجنازة، قالوا: وفارقت القبلة الثوب والماء في ذلك؛ لأن القبلة في الأصل مبنية على اليقين بخلاف الطهارة والستر. انتهى⁣(⁣٣).

  تنبيه: أما من صلى إلى جهة بالتحري، ثم غلب على ظنه خطأ تحريه [الأول]⁣(⁣٤)، وهو في الصلاة ولم يحصل ظن بالإصابة في أي الجهات الأخر، فالظاهر أنه يجب عليه الخروج من الصلاة وإعادة التحري⁣(⁣٥)، فإن حصل له ظن عمل به، وإلا انتظر آخر الوقت وصلى إلى أي الجهات اتفق، والله أعلم⁣(⁣٦).

  قوله أيده الله تعالى: (ويكره استقبال نائم، ونجس، ونحوهما في القامة غالبا) أما كراهة استقبال النائم فلما رواه أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله ÷ قال: «لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث⁣(⁣٧)»⁣(⁣٨). وأما النجس فللتنزه عنه.

  قال في الغيث: قال يحيى في المنتخب: أحب أن لا أصلي إلى جدار مبني بنجس من طين أو مدر، وإن طُيِّنَ بطاهر، إلا أن يكون ما طُيِّنَ به غليظًا يقوم بنفسه لو انهدم


(١) التذكرة الفاخرة ص ٩٤، والبيان الشافي ١/ ٢١٦، والانتصار ٢/ ٨٣٤.

(٢) قال في المهذب ١/ ٢٢٩: وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم حضرت صلاة أخرى؛ ففيه وجهان: أحدهما: أنه يصلي بالاجتهاد الأول؛ لأنه قد عرف بالاجتهاد الأول، والثاني: يلزمه أن يعيد الاجتهاد، وهو المنصوص عليه في الأم، وقال في روضة الطالبين ص ١٠١: إذا صلى باجتهاده ثم أراد فريضة، وحلية العلماء ٢/ ٧٣.

(٣) روضة الطالبين ص ١٠١.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).

(٥) في شرح الأزهار ١/ ١٩٦: أنه لا يجوز له الخروج والاستئناف إلا أن يعلم علمًا يقينا خطأ الأول، ونحوه في الانتصار ٢/ ٨٣٤.

(٦) شرح الأزهار ١/ ١٩٥.

(٧) في (ب): ولا المحدث.

(٨) أخرجه أبو داود في السنن ١/ ٤٤٥ رقم (٦٩٥)، كتاب الصلاة - باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام، وقال الخطابي في معالم السنن ١/ ٤٤٥: هذا حديث لا يصح عن النبي؛ لضعف سنده، وعبد الله بن يعقوب لم يسم من حدثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيفان: تمام بن بزيع، وعيسى بن ميمون، وقد تكلم فيهما يحيى بن معين.