تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 76 - الجزء 2

  من مائة ألف⁣(⁣١) صلاة فيما سواه». رواه أحمد وابن ماجة⁣(⁣٢)، قيل: بإسنادين صحيحين⁣(⁣٣). وقد تضمنت هذه الأخبار الدلالة على أفضلية مسجد المدينة أيضا.

  قلت: وحديث ابن الزبير هاهنا يصلح جوابًا على ما أورد من السؤال على قوله ÷: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» هل يدخل مسجد النبي ÷ في ذلك؟ فتكون صلاة واحدة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف ألف صلاة في غير مسجد النبي ÷ أو لا يدخل؟ فيكون كسائر المساجد، فحديث ابن الزبير دليل واضح على صحة الاحتمال الثاني، كما لا يخفى، على أنه يمكن أن يكون الضمير راجعا إلى مسجد المدينة في قوله: أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه، فيندفع السؤال ويرتفع الإشكال⁣(⁣٤).

  وإنما عدل المؤلف أيده الله عن قوله في الأزهار: "وأفضلها المسجد الحرام ... إلى قوله: مسجد مكة"⁣(⁣٥) اختيارا منه لما⁣(⁣٦) لحظ إليه جده المهدي في البحر في تفسير المسجد الحرام، حيث قال بعد حكاية ذكر الخلاف فيه قلت: ولو قيل إنه المسجد لصح إن لم يمنع منه إجماع. وقد حكي عن أبي هاشم⁣(⁣٧). انتهى.

  وحكى الإمام يحيى عن العترة أن المسجد الحرام هو الكعبة وما حولها إلى المواقيت؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣(⁣٨). وعن بعض الفقهاء أنه الكعبة وما حولها إلى حدود الحرم المحرم⁣(⁣٩)؛ لقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}⁣(⁣١٠) وقد روي أنه أسري به من بيت خديجة⁣(⁣١١) أو من بيت أم هانئ⁣(⁣١٢).

  قلت: و [الذي]⁣(⁣١٣) في الصحيحين أنه أسري من الحجر⁣(⁣١٤)، وفي سيرة البحر⁣(⁣١٥): من بين زمزم والمقام، والله أعلم⁣(⁣١٦).


(١) في (ج): ألف مائة.

(٢) أحمد ٥/ ١٠٨ رقم (١٤٧٠٠)، وص ٢١٤ رقم (١٥٢٧١)، وابن ماجة ١/ ٤٥١ رقم (١٤٠٦)، كتاب إقامة الصلاة والسنة - باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي، وفي الزوائد: إسناد حديث جابر صحيح، ورجاله ثقات.

(٣) ابن ماجة ١/ ١٤٥١ رقم (١٤٠٥) عن ابن عمر، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي.

(٤) فتح الباري ٣/ ٦٦.

(٥) لفظ الأزهار ص ٣٢: وأفضل أمكنتها المساجد، وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد رسول الله ÷، ثم مسجد بيت المقدس.

(٦) في (ب، ج): إلى ما لحظ.

(٧) البحر الزخار ١/ ٢٢٠.

(٨) سورة البقرة: ١٩٦.

(٩) البحر الزخار ١/ ٢١٩، والانتصار ٣/ ٦٨.

(١٠) سورة الإسراء: ١.

(١١) لم أقف على من ذكر أنه أسري به من بيت خديجة.

(١٢) سيرة ابن هشام ٣/ ٦٦.

(١٣) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).

(١٤) البخاري ٣/ ١٤١٠ رقم ٣٦٧٤، كتاب فضائل الصحابة - باب المعراج، ومسلم ١/ ١٤٧ رقم ١٦٢، ١٦٣، كتاب الإيمان - باب الإسراء برسول الله ÷ إلى السماوات.

(١٥) مقدمة البحر الزخار، كتاب الجواهر والدرر في سيرة سيد البشر ص ٤٣٠.

(١٦) مقدمة البحر الزخار ١/ ٢٢١.