تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الأوقات

صفحة 90 - الجزء 2

  الأول: اختيار الظهر جميعه، إلا ما تؤدى فيه عقيب الزوال، وهذا مراد المؤلف أيده الله تعالى بقوله: (بعد فعله) وإنما عدل إلى ذلك عن قوله في الأزهار⁣(⁣١): (إلا ما يسعه عقيب الزوال) لإيهامه أن الزائد على قدر ما يسع صلاة الظهر بعد الزوال وقت اضطرار لصلاة العصر وإن لم يكن قد صلى الظهر، وذلك غير مقصود ولا مستقيم، كما لا يخفى.

  والثاني: من وقتي اضطرار العصر ابتداؤه من آخر اختياره، وهو مصير ظل المنتصب مثليه، حتى لا يبقى من النهار ما يسع ركعة كاملة، ولم يتعرض لذكر فيء الزوال؛ لعدم الحاجة إلى ذكره؛ إذ هو حاصل قبل الزيادة إلى المشرق؛ واستدل على وقت الاضطرار للظهر والعصر بقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}⁣(⁣٢) والله أعلم.

[وقت صلاة المغرب والعشاء]

  قوله أيده الله تعالى: (واختيار المغرب من نحو رؤية ليلي⁣(⁣٣) إلى ذهاب الأحمر ثم منه للعشاء إلى الثلث) يعني [أن]⁣(⁣٤) ابتداء وقت الاختيار لصلاة المغرب من نحو رؤية كوكب ليلي لا نهاري، والمراد بالنهاري ما يُرى في النهار؛ لقوة ضيائه، وهي أربعة: الزهرة، والمشتري، والشعرى العبور [هذه المجمع عليها]⁣(⁣٥)، واختلف في الرابع: فقيل: هو المريخ⁣(⁣٦)، وقيل: بل السماك الرامح، وأراد بنحو الرؤية تقليد المؤذن البصير، وخبر المخبر العدل برؤية الكوكب الليلي والتحري في الغيم⁣(⁣٧).

  ولا خلاف في أن أول وقت اختيار المغرب غروب الشمس؛ للخبرين المتقدمين ونحوهما. وإنما اختلف فيما به يعلم⁣(⁣٨) غروبها، فعند القاسمية أنه يعرف برؤية الكوكب الليلي⁣(⁣٩)؛ لحديث أبي بَصْرَةَ الغفاري⁣(⁣١٠) قال: صلى بنا رسول الله ÷


(١) ص ٣٤ وفيه: وللعصر اختيار الظهر إلا ما يسعه عقيب الزوال.

(٢) سورة الإسراء: ٧٨.

(٣) في الأصل: من نحو رؤية ليلا.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).

(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من (ج).

(٦) القائل هو الفقيه يحيى. شرح الأزهار ١/ ٢٠٦.

(٧) شرح الأزهار ١/ ٢٠٦.

(٨) في (ب، ج): فيما به يعرف غروبها.

(٩) البيان الشافي ١/ ١٦٩، والبحر الزخار ٢/ ٢٠٥، وشرح التجريد ١/ ٥٦.

(١٠) اسمه جميل، وقيل: حُمَيل بن بصرة بن وقاص بن غفار، صحابي، نزل مصر، ودفن بالمقطم مقبرة أهل مصر. ينظر: أسد الغابة ٢/ ٧٩ رقم (١٢٧١)، والاستيعاب ١/ ٤٥٢ رقم (٥٨٧)، وطبقات ابن سعد ٧/ ٥٠٠.