تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الأوقات

صفحة 95 - الجزء 2

  وقوله: (غالبا) احتراز من راتبة الفجر فإنه مشروع فعلها قبل فعل صلاة الفجر، مالم يخش فوت الفريضة بطلوع الشمس، فإنه يجب عليه حينئذ تقديم الفريضة وتأخير الراتبة، ويندب لمن خشى فوت جماعة الفجر بتقديم الراتبة تأخيرها. وفي فعلها بعد الفريضة قولان لأهل المذهب: قيل: أداء⁣(⁣١). وقيل: قضاء⁣(⁣٢). وهذا هو المذهب⁣(⁣٣).

  وعن الباقر، والصادق، والناصر، والإمامية: أن وقتها بين الفجرين.

  واختلف في الوتر: فالمذهب أنه مترتب على فعل صلاة العشاء⁣(⁣٤)، ولا عبرة بالوقت، وقد دخل هذا في قوله: (بعدها) أي بعد فعل الفريضة؛ إذ هو بمنزلة الراتبة للعشاء؛ لترتبه على أدائها، وعن المؤيد بالله أنها مترتبة على الفعل والوقت جميعا، فعلى هذا لو جمع جمع التقديم لم يجزه فعل الوتر قبل دخول وقت العشاء⁣(⁣٥).

  وعنه وعن زيد بن علي: أنها مترتبة على الوقت دون الفعل، فعلى هذا لو دخل وقت العشاء فقدم الوتر على فعل العشاء أجزاه⁣(⁣٦).

  وعن الباقر والصادق والناصر بعد ثلث الليل⁣(⁣٧)؛ والدليل على ما اختاره أهل المذهب ما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث خارجة بن حذافة⁣(⁣٨) قال: خرج علينا رسول الله ÷ فقال: (قد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر، فجعلها لكم [فيما]⁣(⁣٩) بين صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر»⁣(⁣١٠). والأفضل تأخير الوتر لمن يعتاد قيام آخر الليل، [وإلا فالتقديم؛ لما رواه


(١) وهو قول الفقيه يحيى.

(٢) ذكره المنصور بالله.

(٣) في التاج المذهب ١/ ٣٨: كونها أداء، وشرح الأزهار ١/ ٢٠٩، والبيان الشافي ١/ ١٧٩.

(٤) وهو الذي حصله أبو طالب للهادي. شرح الأزهار ١/ ٢٠٩، والبيان الشافي ١/ ١٨٠، والمنتخب ص ٥٦.

(٥) حصله المؤيد للهادي شرح الأزهار ١/ ٢٠٩، والبيان الشافي ١/ ١٨٠، وشرح التجريد ١/ ١١٨.

(٦) شرح الأزهار ١/ ٢٠٩، والبيان الشافي ١/ ١٨٠.

(٧) ينظر: المصادر السابقة، والناصريات ص ١٩٨.

(٨) خارجة بن حذافة القرشي العدوي استعمله عمرو بن العاص على قضاء مصر، وقيل: على الشرطة، قتل علي يد الخوارج الذين أرادوا قتل عمرو بن العاص في مصر، وكان عمرو بن العاص قد استخلف خارجة ولم يخرج لصلاة الفجر فقتله الخارجي ظنًا منه أنه عمرو سنة ٤٠ هـ، كان أحد فرسان قريش. ينظر: الاستيعاب ٢/ ٤ رقم (٦٠٩)، والإصابة ١/ ٣٩٩ رقم (٢١٣٢).

(٩) ما بين المعقوفتين مطموس في (ج).

(١٠) الترمذي ٢/ ٣١٤ رقم (٤٥٢)، أبواب الوتر - باب ما جاء في الوتر، وأبو داود ٢/ ١٢٩ رقم (١٤١٨)، كتاب الصلاة - باب استحباب الوتر، وابن ماجة ١/ ٣٦٩ رقم ١١٦٨، كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في الوتر، وصححه الحاكم ١/ ٣٠٦، والذهبي في التلخيص على هامش المستدرك ١/ ٣٠٦.