تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 108 - الجزء 2

  أَخَّرَ الظهر حتى ينزل للعصر، وفي المغرب مثل ذلك، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب العشاء، وإن ارتحل قبل أن تغيب [الشمس]⁣(⁣١) أَخَّرَ المغرب حتى ينزل للعشاء، ثم يجمع بينهما. هكذا في رواية أبي داود والترمذي⁣(⁣٢)، وفي معناه روايات وأحاديث أخر.

  والظاهر أن المقيم عشرة أيام فصاعدا يحرم عليه الجمع، كالقصر والإفطار.

  وأما الخوف الذي يسوغ معه الجمع فهو خشية مضرة في نفس أو مال، أي مضرة كانت، وإن قَلَّتْ، كما في الألم، وصورته: أن يكون موضع الماء الذي يتطهر منه موضع مخافة، ويخشى إن انتقض وضوؤه أن لا يجد ماء إلا من ذلك الموضع، فيسوغ له حينئذ الجمع⁣(⁣٣)، وكذلك حيث يكون خائفًا من عدو، ويحتاج إلى الحراسة، ويخل بها التوقيت وما يشبه ذلك.

  وأما مثال الطاعة التي يسوغ لأجلها الجمع فنحو أن يكون في وعظ أو تذكير ويخشى إن قام للصلاة في أول الوقت أن يتفاوت السامعون، ونحو أن يكون في صنعة أو عمل يعود نفعه عليه، وعلى من تلزمه نفقته، أو في عمارة مسجد أو منهل، والتوقيت ينقض ذلك العمل، من تسهيل نفع من الأجر أو تفاوت، أو نحو ذلك، فيجوز له الجمعان حينئذ؛ رعاية للمصلحة. هكذا في الغيث⁣(⁣٤).

  ومقتضاه: أن قوله في الأزهار والأثمار: (وينقصه التوقيت) راجع إلى الطاعة والمباح كليهما، وأما المباح فنحو أن يكون في حرث أو نحوه، ولم يقصد به وجه قربة، والتوقيت ينقص⁣(⁣٥) ما يرجوه من نفعه أو تمامه في ذلك الوقت، فله الجمع حينئذ⁣(⁣٦).

  المسألة الثالثة: في الأذان والإقامة:


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من (الأصل).

(٢) أبو داود ٢/ ١٣ رقم (١٢٠٨)، كتاب الصلاة - باب الجمع بين الصلاتين، والترمذي ١/ ٤٣٨ رقم (٥٥٣)، كتاب الصلاة - باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في السفر.

(٣) في (ب، ج): فيسوغ له الجمع حينئذ.

(٤) شرح الأزهار ١/ ٢١٤.

(٥) في الأصل: ينقص ذلك ما يرجوه.

(٦) شرح الأزهار ١/ ٢١٤.