تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب [الأذان والإقامة وأحكامهما]

صفحة 112 - الجزء 2

  كسائر الشرائع⁣(⁣١) وعند الأكثر⁣(⁣٢) رؤيا عبد الله بن زيد⁣(⁣٣) بعد استشارة النبي ÷ للصحابة فيما يجمع الناس للصلاة⁣(⁣٤).

  قال في البحر: وحجتهم قوية إن صحت استشارته ÷؛ إذ المعراج بمكة، فلو شرع فيه لم يستشر في المدينة⁣(⁣٥).

  قلت: وقد استبعد كثير من العلماء حديث رؤيا الأذان والعمل به.

  قالوا: لأن الأذان شرع، والشرع لا ينبني على الرؤيا، قال الإمام يحيى⁣(⁣٦): وهذا الحديث غير منكر، لكن كان بعد أن ثبت عن الرسول بأحد الوجهين، يعني ما ذكرته القاسمية والناصر، ويرد على هذا مثل ما ذكره الإمام المهدي.

  وفي شرح مسلم للنووي ما لفظه: ثم رأى عبد الله بن زيد الأذان، فشرعه النبي ÷ [بعد ذلك]⁣(⁣٧) إما بوحي وإما باجتهاده ÷ على مذهب الجمهور في جواز الاجتهاد له، وليس عملاً بمجرد المنام. هذا ما لا يشك فيه بلا خلاف. انتهى⁣(⁣٨).

  قال في الغيث: وأما ابتداء شرع الإقامة فلا أحفظ فيه نصًا، خلا أنه لم ينقل أن الأذان استعمل من دونها، فلا يبعد أن وقت شرعهما كان واحدًا. انتهى.

  قلت: أما حديث عبد الله بن زيد فقد اشتمل على ذكر الأذان والإقامة كليهما في أكثر رواياته، فلنذكر منها إحدى روايات أبي داود عن عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول الله ÷ بالناقوس يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ به للناسِ؛ لجمع الصلاة، طاف بي وأنا


(١) في (ب): كسائر مواقيت الشرائع.

شفاء الأوام ١/ ٢٥١، والبحر الزخار ٢/ ٢٤٠.

(٢) هم جمهور الفقهاء، والمحدثون. الانتصار ٢/ ٦٩٣، وشرح النووي على مسلم ٤/ ٧٥ - ٧٦، وسبل السلام ١/ ٢٤٧ - ٢٤٨، والمغني ١/ ٤١٤، والبدر التمام ١/ ٣٩٢، وفتح الباري ٢/ ٧٨ - ٧٩.

(٣) عبد الله بن زيد الأنصاري الخزرجي، شهد بدرًا والمشاهد كلها، توفي سنة ٣٢ هـ، وقيل: قتل في يوم أحد. ينظر: الإصابة ٢/ ٣٠٤، والاستيعاب ٣/ ٤٥، وأسد الغابة ٣/ ٢٤٨.

(٤) سيأتي تخريجها قريبا عند ذكر الرواية.

(٥) البحر الزخار ١/ ١٨١.

(٦) الانتصار ٢/ ٦٧١ باختصار.

(٧) ما بين المعقوفتين ساقط من (الأصل).

(٨) شرح صحيح مسلم ٤/ ٧٦.