تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 114 - الجزء 2

  واختلف في حكم الأذان والإقامة: فظاهر المذهب، وهو قول بعض الشافعية، أنهما كليهما فرضا كفاية على الرجال المجتمعين والمنفرد⁣(⁣١). وعن القاسم، وأبو العباس، والمنصور بالله: فرض على الجماعة، وفضل على المنفرد⁣(⁣٢). وعن أبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن زيد بن علي، والناصر، أنهما سنة لا فرض⁣(⁣٣). وعن أبي طالب: الأذان فرض كفاية، والإقامة سنة⁣(⁣٤). وعن الأوزاعي: أن الأذان سنة والإقامة واجبة⁣(⁣٥).

  واستدل أهل المذهب على الوجوب بقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ}⁣(⁣٦) الآية، فَشَرَطَهُ في السعي إلى الصلاة، وما لا يتم الواجب إلا به يجب⁣(⁣٧) كوجوبه، كذا ذكروه.

  ومن السنة أخبار كثيرة: منها: حديث مالك بن الحويرث⁣(⁣٨) قال: أتيت النبي ÷ أنا وصاحب لي، فقال لنا: (إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما، وليؤمكما أكبركما). هذه إحدى روايات مسلم⁣(⁣٩).

  واستدلوا على أنه فرض كفاية، بإنه ذِكْرٌ يتضمن التكبير لا ركوع فيه، فكان كفاية كصلاة الجنازة، كذا في البحر⁣(⁣١٠).

  قلت: ولأنه لم يؤثر عن النبي ÷ أنه كان يأمر كل واحد من المصلين معه بفعل الأذان، بل كان يكتفى⁣(⁣١١) بأذان مؤذنه. والله أعلم. والإقامة كذلك.


(١) وبه قال أحمد، وداود. ينظر: شفاء الأوام ١/ ٢٤٧، والانتصار ٢/ ٦٩٤، والإنصاف ١/ ٤٠٧، والمجموع ٣/ ٨٩.

(٢) التذكرة الفاخرة ص ٩٥، والمهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٣٩.

(٣) المهذب ١/ ١٩٦، والبحر الرائق ١/ ٥٠٩، والبيان الشافي ١/ ٢١٨.

(٤) التذكرة الفاخرة ص ٩٥.

(٥) مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٠، وحلية العلماء ٢/ ٣٦.

(٦) سورة الجمعة: ٩.

(٧) في (ب، ج): وجب كوجوبه.

(٨) مالك بن الحويرث: من أهل البصرة، اختلف في اسمه، قدم على النبي ÷ في فتية من قومه، وأمرهم بتعليم قومهم إذا رجعوا إليهم، توفي في البصرة سنة (٩٤ هـ). الاستيعاب ٣/ ٤٠٥، وأسد الغابة ٥/ ١٨.

(٩) البخاري ٢/ ١٣٠ رقم (٦٢٨)، كتاب الأذان - باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، ومسلم ٢/ ٦١٢ رقم (٩٧٤)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب من أحق بالإمامة، وأبو داود ١/ ٣٩٦ رقم (٥٨٩)، كتاب الصلاة - باب من أحق بالإمامة، والترمذي ١/ ٣٩٩ رقم (٢٠٥)، كتاب الصلاة - باب ما جاء في الأذان في السفر، والنسائي ٢/ ٩ رقم (٦٣٤)، كتاب الأذان - باب أذان المنفردين في السفر، وفي بعضها بلفظ: «إذا سافرتما».

(١٠) البحر الزخار ١/ ١٧١.

(١١) في (الأصل): يكفي.