تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب [الأذان والإقامة وأحكامهما]

صفحة 122 - الجزء 2

فصل: [فيما يشترط في المقيم]

  (ويقيم هو متطهرا) أي يشترط أن يكون المقيم للصلاة هو المؤذن لها حال كونه متطهرا من الحدثين. ولا يصح أن يقيم غيره؛ إذ الإقامة حق له؛ لخبر الصدائي، ولفظه في رواية أبي داود: عن زياد بن الحارث الصدائي قال: لما كان أول أذان الصبح أمرني رسول الله ÷ فناديت⁣(⁣١)، فجعلت أقول: أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر في ناحية المشرق إلى الفجر، فيقول: (لا)، حتى إذا طلع الفجر فبرز ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه، فتوضأ⁣(⁣٢)، فأراد بلال أن يقيم الصلاة⁣(⁣٣)، فقال رسول الله ÷(⁣٤): (إن أخا صداء قد أذن، ومن أذن فهو يقيم⁣(⁣٥))⁣(⁣٦). ولا تصح إقامة المحدث عندنا؛ إذ لم يكن يقيم في عهده ÷ إلا متطهر⁣(⁣٧)، خلاف أبي العباس، وأبي حنيفة، والشافعي، فقالوا: تصح إقامة المحدث⁣(⁣٨).

  قوله أيده الله: (وتكفي⁣(⁣٩) من صلاها في مسجدها) أي تكفي الإقامة الواحدة في المسجد من صلى تلك الفريضة التي نويت تلك الإقامة لها في ذلك المسجد فقط⁣(⁣١٠)، فلا تكفي الإقامة للظهر من يصلي العصر، ولو فعلت بعد دخول وقت العصر، بخلاف ما تقدم في الأذان من أن أذان القاضي يجزئ المؤدي؛ لأن الأذان شرع للوقت، والإقامة إنما شرعت للصلاة الحاضرة، وإنما أَجْزَتْ من صلى في ذلك المسجد؛ لأنها بالنظر إلى المسجد كالأذان بالنظر إلى البلد، فأما الإقامة في غير المسجد فالأقرب أنها إنما تجزئ الحاضرين فقط⁣(⁣١١).


(١) في سنن أبي داود: أمرني - يعني النبي ÷ - فأذنت.

(٢) في السنن: - يعني فتوضأ -.

(٣) لفظ الصلاة: ليس في السنن.

(٤) في السنن: فقال له نبي الله ÷.

(٥) في هامش الأصل: وقد ضعف هذا الحديث أبو حاتم، وابن حبان. قال الترمذي: إنما يعرف من حديث الأفريقي، وقد ضعفه القطان وغيره. وقال أبو العباس: هو مقارب الحديث. قلت: ومن قيل فيه ذلك، فإنما يكتب حديثه لينظر فيه وللاعتبار. تمت.

(٦) قال: فأقمت، هذا آخره عند أبي داود.

(٧) في (ب): منتظرًا.

(٨) الهداية ١/ ٤٤، والتذكرة الفاخرة ص ٩٦، والأم ج ٢/ ٧٠.

(٩) في (ب، ج): فتكفي.

(١٠) الانتصار ٢/ ٧٤٢.

(١١) هذا قول الإمام المهدي أحمد بن يحيى، وهو المقرر للمذهب. شرح الأزهار ١/ ٢٢١، والتاج المذهب ١/ ٨٧