تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب [الأذان والإقامة وأحكامهما]

صفحة 124 - الجزء 2

  للمذهب؛ لأن الإقامة حق للمؤذن، فإذا أباح حقه لغيره صح، كما لو أذن ولي الميت لغيره بالصلاة عليه ونحو ذلك.

  وعن أبي حنيفة يصح أن يقيم غير المؤذن مطلقا⁣(⁣١). وعن الشافعي لا يصح ذلك مطلقا⁣(⁣٢).

  فائدة: يصح أن يؤذن جماعة؛ إذ قد روي فعل ذلك على عهد النبي ÷(⁣٣). واختلف في كيفيته: فقيل: ينطقون معا⁣(⁣٤). وقيل: واحدا⁣(⁣٥) بعد واحد⁣(⁣٦)، ويقيم الراتب إن كان، ثم السابق بالأذان، ثم بأوله. وقيل: بآخره، ثم يقترعون.

  قوله أيده الله تعالى: (وتجب النية والترتيب) أي تجب⁣(⁣٧) نية الأذان والإقامة؛ لقوله ÷: (الأعمال بالنيات)⁣(⁣٨)، وعن السيد يحيى وغيره أن من أقام ناسيا للأذان أجزته الإقامة عن الأذان ويعيد الإقامة، وهذا يدل على عدم وجوب النية [عندهم، والله أعلم⁣(⁣٩).

  والواجب من النية]⁣(⁣١٠) أن يريد فعلهما، ويستحب مع ذلك نية التقرب إلى الله تعالى والتأهب للصلاة إن كان وحده، والإعلام والدعاء إلى الصلاة إن كان ثمة غيره.

  ويجب أيضًا ترتيب ألفاظ الأذان والإقامة على الصفة المشروعة المعروفة، فلو عكس ألفاظهما، أو بعضها، أو نقص شيئا منها، لم يصح ذلك حتى يتمهما على الوجه الصحيح، ويصح أن يبني على الناقص، وعلى بعض المعكس، واستغنى المؤلف أيده الله تعالى


(١) أي لعذر أو لغير عذر، بإذن أو بغير إذن. البحر الرائق ١/ ٥٠٩ - ٥١٠، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٨٩.

(٢) الروضة ص ٩٢ - ٩٤، وفي العزيز شرح الوجيز ١/ ٤٢٦: إذا قلنا: ولاية الإقامة لمن أذن أولا فليس ذلك على سبيل الاستحقاق، بل لو أذن واحد وأقام غيره اعتد به. وقال: حكى صاحب التتمة وغيره وجهًا أنه لا يعتد به تخريجا من قول الشافعي: أنه لا يجوز أن يخطب واحد ويصلي آخر. اهـ.

(٣) يشير إلى أذان بلال، وابن أم مكتوم، وقد تقدم حديث: «إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» وتخريجه.

(٤) هذا هو المختار لمذهب الزيدية. شرح الأزهار ١/ ٢٢٣.

(٥) في (ب): واحدٌ بالرفع، وكلاهما يصح: فالرفع على الابتداء، والنصب على الحال من الضمير في "ينطق".

(٦) هذا قول الشافعية. روضة الطالبين ص ٩٤، والوجيز ص ٣٢.

(٧) في (ب، ج): يعني تجب.

(٨) سبق تخريجه ٤٩٤.

(٩) شرح الأزهار ١/ ٢٢٤.

(١٠) ما بين المعقوفتين ساقط من (الأصل).