باب [الأذان والإقامة وأحكامهما]
  قلنا: وكذلك الترجيع، ليس مشروعا عندنا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه(١)، خلافا للشافعي ومالك(٢)، وهو أن يأتي المؤذن بكل واحدة من الشهادتن مرتين مرتين سرا، ثم يجهر بكل منهما مرتين مرتين؛ لما ورد في بعض روايات حديث أبي محذورة أن النبي ÷ قال له بعد أن تكلم بها مرتين مرتين: (ارجع فمد بهن صوتك)(٣). الخبر، والله أعلم.
  ولا تفسد الصلاة بنسيان الأذان والإقامة، ولا فرق في ذلك بين المنفرد والجماعة على الأظهر. وتردد أبو طالب في صحة صلاة من تركها عمدا(٤). والله أعلم.
[آداب الأذان]
  [قوله أيده الله](٥): (وندب في أذان ومؤذن وموضعه آداب وصفات) هذه من زيادات الأثمار إلى قوله: كما ورد(٦). ولا خلاف في كونها مندوبة.
  أما آداب الآذان: فمنها: ترتيل ألفاظه، ومد الصوت بها، وتحسينه من غير تغن، والوقف على أواخرها، بخلاف الإقامة، فإن المندوب حدر ألفاظها، وعدم الوقف عليها. ويندب أيضًا تراخي الإقامة عن الأذان؛ لحديث جابر أن رسول الله ÷ قال لبلال: (إذا أذنت فترسل، وإذا اقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني). أخرجه الترمذي(٧).
  وأما مد الصوت: فلقوله ÷: (ارجع فامدد من صوتك)(٨)؛ ولأنه أبلغ في الإعلام.
(١) الانتصار ٢/ ٧٢١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٨٩.
(٢) المدونة ١/ ١٥٧، وحلية العلماء ٢/ ٣٨، والحاوي ١/ ٥٩.
(٣) سنن أبي داود ١/ ٣٤٣ رقم (٥٠٣)، كتاب الصلاة - باب كيف الأذان، والنسائي ٧/ ٧ رقم (٦٣٣)، كتاب الأذان والإقامة - باب التثويب في أذان الصبح.
(٤) الانتصار ٢/ ٦٩٢.
(٥) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).
(٦) وهي ويندب أيضًا أن يجيب غير نحو مصل، ويحوقل، ويدعو حيث وكما ورد.
(٧) الترمذي ١/ ٣٧٣ رقم (١٩٥)، كتاب الصلاة - باب ما جاء في الترسل في الأذان.
(٨) سبق تخريجه ص ٩٦٤.