باب [الأذان والإقامة وأحكامهما]
  ومسلم(١): وأذن بلال، قال: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يمينا وشمالا، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح. وفي رواية لأبي داود(٢): فلما بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح، لوى عنقه يمينًا وشمالًا، فلم يستدر. انتهى.
  والمعنى في وضع الأنملتين في الصماخين أن ذلك أجمع للصوت.
  قيل: وحكمة الالتفات في الحيعلتين خاصة أنهما خطاب وما عداهما ذكر(٣).
  قال في البحر: وفي كون الإقامة كذلك وجهان: يلتفت؛ لأنها إشعار، ولا؛ لحضور أهلها، وهو الأقرب؛ إذ لم يؤثر فيها(٤). وندب أن يكون قائمًا حال أذانه؛ لعادة السلف. وعن الجويني أن القيام والاستقبال حال الأذان شرط في صحته(٥).
  ومن آداب المؤذن: أن يكون صيتا: أي عالي الصوت، حسنه؛ لقوله ÷ لعبد الله بن زيد: (قم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك)(٦) أي أعلى وأبعد مدى(٧)؛ ولحديث أبي محذورة، حيث قال في إحدى رواياته: إن رسول الله ÷ قال له ولأصحابه: (أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع)؟ فأشار القوم إلي، فأرسلهم كلهم وحبسني، فقال: (قم فأذن بالصلاة) الخبر، وفي رواية(٨) عنه أن النبي ÷ قال: (قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت، فأرسل إلينا فأذنَّا، رجل رجل، وكنت آخرهم، فقال حين أذنت: (تعال)، فأجلسني بين يديه، ومسح على ناصيتي، وَبَرَّكَ ثلاث مرات، ثم قال: (اذهب، اذهب(٩)، فأذن عند البيت الحرام) الحديث.
(١) البخاري ١/ ٢٢٧ رقم (٦٠٨)، كتاب الأذان - باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة، ومسلم ١/ ٣٦٠ رقم (٥٠٣)، كتاب الصلاة - باب سترة المصلي.
(٢) سنن أبي داود ١/ ٣٥٧ رقم (٥٢٠)، كتاب الصلاة - باب المؤذن يستدير في أذانه.
(٣) هذا القول في الانتصار ٢/ ٧٨٤.
(٤) البحر الزخار ١/ ١٩٥.
(٥) تقدم، وانظر: الانتصار ٢/ ٧٧٨.
(٦) الترمذي ١/ ٢٥٨ رقم (١٨٩)، كتاب الصلاة - باب بدء الأذان، وابن ماجة ١/ ٢٣٢ رقم (٧٠٦)، كتاب الأذان والسنة فيها - باب بدء الأذان.
(٧) في النهاية ٥/ ٩٠: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن وأعذب، وقيل: أبعد.
(٨) هي رواية النسائي ٢/ ٧ رقم (٦٣٣)، كتاب الأذان - باب الأذان في السفر.
(٩) قوله: اذهب، اذهب سقط من (ب)، وسقطت واحدة منهما من (ج).