كتاب الصلاة
  فائدة: من غلب على ظنه خروج الوقت فنوى صلاته قضاء، أو ظن بقاءه فنواها أداء، ثم انكشف خلاف ما ظنه، فقياس المذهب في عدم التعرض لنية القضاء والأداء، وهو أحد وجهي أصحاب الشافعي، أنها تصح صلاته في الصورتين، ولا يضره الخطأ في تلك النية للعذر. فأما العالم بالحال إذا نوى خلاف ما يعلمه فلا تصح صلاته قطعًا؛ لتلاعبه(١)، كما ذكره في شرح الإرشاد، والله أعلم.
  ويكره التلفظ بنية الصلاة؛ لكراهة الكلام بعد الإقامة، إلا لمن ابتلي بالشك(٢)، وعند الشافعية: الأفضل الجمع بين القلب واللسان(٣).
  وعند داود الظاهري: أنه يجب التلفظ بها وتقديمها على التكبيرة(٤)، قلنا: ويستحب التلفظ بها في الحج، ويخير في الوضوء، والغسل، والتيمم، والزكاة، والصوم.
  قوله أيده الله تعالى: (المؤيد بالله: ويكفي صلاة إمامي؛ للبسٍ، أظهر أم جمعة فقط)(٥). حاصله أن من أدرك الإمام مصليا وقت صلاة الجمعة، والتبس عليه صلاة الإمام: أهي ظهر أم جمعة؟ فإنه يكفيه أن ينوي أنه يصلي صلاة إمامه، فتصح صلاته عند المؤيد بالله في هذه الصورة فقط؛ لأن الظهر والجمعة بمنزلة الفرض الواحد؛ إذ كل منهما بدل من الآخر، بمعنى أنه متى فعل أحدهما على وجه الصحة سقط عنه الآخر، فصحت النية المترددة بينهما عنده؛ لأن المصلحة فيهما واحدة، بخلاف سائر الصلوات، فإن المصلحة فيها مختلفة، فلا تصح عنده هذه النية حيث التبست عليه صلاة الإمام: أهي ظهر أم عصر؛ لما ذكر، وهذا الذي ذكره المؤيد بالله إنما يستقيم على أصله؛ إذ لا يشترط في صحة صلاة الجمعة سماع شيء من الخطبة(٦).
  وأما الهادوية فلا تصح جمعةً عندهم؛ لاشتراطهم ذلك، فاللاحق عندهم ينوي صلاة الظهر مؤتمًا، ويتمها أربعًا(٧)، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(١) شرح الأزهار ١/ ٢٢٨ هامش (٤)، والعزيز شرح الوجيز ١/ ٤٦٨، والمجموع للنووي ٣/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٢٢٧ هامش (١)، والتذكرة الفاخرة ص ٩٨.
(٣) الحاوي ٢/ ١١٦، لكن يشكل الجمع بين قولين في النية: ١ - الجمع بين القلب واللسان في النية. ٢ - مقارنة النية للتكبير لا قبله ولا بعده؛ إذ كيف سيلفظ بالتكبير وبالنية معا؟!
(٤) المحلى ٢/ ٢٦١.
(٥) البحر الزخار ٢/ ٣٩٣.
(٦) البحر الزخار ٣/ ٢٥.
(٧) شرح الأزهار ١/ ٣٥٥.