كتاب الصلاة
  من أن المشروطة التي لا إجمال فيها تصح عند المؤيد بالله قولًا واحدًا، والمجملة لا تصح قولًا واحدًا، فحيث قال بفساد نية مشروطة فليس لأجل الشرط، وإنما هو لأجل الإجمال المصاحب للشرط، وحيث قال بصحتها، فذلك حيث خلت عن الإجمال، ومن هاهنا اختلفت أنظار [المخالفين](١) المذاكرين، أعني أنهم رأوا نية تضمنت شرطًا قال المؤيد بالله بفسادها، ولم يتنبهوا للإجمال فيها، ونيةً تضمنت شرطًا قال بصحتها، ولم يتنبهوا لخلوها عن الإجمال، فحكوا له بالقولين(٢). ومثال النية المجملة: أن ينوي صلاة أربع مما عليه، وعليه فائتة رباعية ملتبسة، فهذه مجملة - وذلك واضح - ومتضمنة للشرط، بمعنى أنه ناو للعصر إن كان هو الفائت، وإلا فالظهر إن كان هو الفائت، وإلا فالعشاء إن كان هو الفائت، فهذه النية فاسدة عنده من حيث الإجمال لا من حيث الشرط؛ بدليل أنه لو عين وصرح(٣) بالشرط فنوى أربع ركعات عصرًا إن كان هو الفائت، وإلا فظهرًا إن كان، وإلا فعشاء، فهذه نية صحيحة كما ذكر في الشرح، ولهذا صحح نية من شك: هل عليه فائتة، فنواها إن كانت، وإلا فنفل، وكذلك يوم الشك؛ لأنه لا إجمال في ذلك، وذلك واضح مع التتبع للصور المذكورة. انتهى(٤).
  وحاصل ما ذكره أن كل نية مجملة فهي مشروطة في المعنى، وليس كل مشروطة فهي مجملة، قلت: وقد تطلق المترددة على كل منهما، وهي في المجملة أظهر. والله أعلم.
  إذا تقرر هذا، قلنا: أما المحتاط، وهو الذي يؤدي صلاة وعليه فائتة من جنسها، فيكفيه [أن ينوي](٥) آخر ما علي من صلاة كذا، نحو أن يشك في الظهر فينوي في الإعادة: أصلي آخر ما علي من صلاة الظهر، فإنه إن كانت الأولى غير صحيحة فهذه(٦) آخر ما عليه(٧)، وإن كانت صحيحة كانت المعادة من آخر ما قد فات عليه من جنسها. والهادوية لا يخالفون في صحة هذه النية؛ لأنها متضمنة لنية القضاء، وهي نية مشروطة في المعنى، وقد صححها المؤيد بالله كما ترى، نعم: لا يحتاج على أصل
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٢) في (ب، ج): بقولين.
(٣) في (ب، ج): فصرح.
(٤) ذكره في شرح الأزهار ١/ ٢٣٠ مختصرًا.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٦) في (ب): فهي آخر.
(٧) في الأصل: آخر ما علي.