كتاب الصلاة
  وقال في شرح الذويد(١): إن الفقيه يوسف هو الذاكر لذلك التصويب. قال، يعني الفقيه يوسف: والأولى بقاء كلام المؤيد بالله على ظاهره من أنه لا يصح إلا في المغرب، وأيضًا فإنه قال في شرح الأزهار(٢): إنه يصح عند الهادوية أن ينوي: أصلي ركعتين، ولو كان عليه مقصورة(٣)، وفي هذا نظر؛ لأنه لم يكن لهم بذلك نص في غيره، فعرفت صحة ما أشار إليه المؤلف أيده الله تعالى. وضعف ما ذكره في التذكرة والأزهار، وأن النظر باق عليه مع ذلك التصليح أيضًا مع التأمل، قال أيده الله تعالى: لأن المكلف يوصف بأن التكاليف الشرعية واجبة عليه، وإن لم يحصل أسباب أدائها، فيوصف بأن عليه الظهر والعصر وغيرهما، ولو قبل دخول أوقاتها، فيوصف بأن عليه صلاة الرباعية ركعتين في السفر، ولو لم يكن قد سافر قط، بل قد بالغ بعض العلماء في ذلك حتى قال: إن الآدمي يخلق وهو أهل لإيجاب الحقوق عليه كلها(٤)، فإنه يخلق وعليه عشر أرضه وخراجها بالإجماع، وعليه الزكاة، وإنما اختلفوا فيما سقط عنه بعذر الصبا، كما تسقط عن الحائض الصلاة بعذر الحيض، لا لأنها ليست بأهل للإيجاب عليها، فإن الصلاة قد لزمتها، بل لدفع الحرج عنها. ذكره الشيخ فخر الإسلام من الحنفية(٥)، فليتأمل ذلك، فإن كلام الأزهار وشرحه على خلاف حكاية كتب المذهب عن المؤيد بالله والهادوية، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى كلامه أيده الله بلفظه.
  قلت: هكذا نقله الفقيه عماد الدين يحيى بن محمد بن حميد في شرحه على الأثمار عن المؤلف أيده الله، وكلام المؤلف أيده الله وحفظه هو الغاية في التحقيق والنهاية في التدقيق، وإلا فالذي كان يغلب على ظني، ويظهر لي، وأحفظه عمن أخذت عنه، أن نية
(١) هو الفقيه الحسين بن محمد الذويد، أحد كبار علماء الزيدية، فقيه، عالم، مجتهد، وهو أحد الشارحين للأزهار، وهو في جزئين. أعلام المؤلفين الزيدية ص ٣٩٤، ومؤلفات الزيدية ٢/ ١٣١.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٢٣٠.
(٣) في هامش شرح الأزهار ١/ ٢٣٠ هامش (٧) ما لفظه: حيث فات عليه ركعتان والتبس هل الفجر أو المقصورة؟ فتكفي عند الهادوية لا إذا تيقن اثنتين: مقصورة، وثنائية، فلا بد من التمييز، وكذا في الرباعية.
(٤) انظر: تأليف: حسام الدين حسين بن علي بن حجاج السغناقي (ت: ٧١٤ هـ) - دراسة وتحقيق: فخر الدين سيد محمد قانت - مكتبة الرشد - الرياض - ط ١ (١٤٢٢ هـ/٢٠٠١ م)، الكافي شرح البزدوي ٥/ ٢١٤١.
(٥) هو أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين البزدوي الملقب بفخر الإسلام (ت: ٤٨٢ هـ)، فقيه حنفي أصولي مصنف، وكتابه هو كنز الوصول إلى معرفة الأصول المشهور بأصول البزدوي، وهو من أهم كتب أصول الفقه عند الحنفية؛ ولهذا فقد تولى شرحه مؤلفون كثير بلغوا أحد عشر شارحا. الجواهر المضيئة ١/ ٣٧٢، وسير أعلام النبلاء، ومعجم المؤلفين ٢/ ٥٠١.