باب: صفة الصلاة
  ركعتين في قضاء الفجر ممن لا قصر عليه صحيحة كافية، وكذلك نية أربع - ممن فاتت(١) عليه رباعية أو أكثر من جنس واحد - متفقٌ على صحتها بين الهادوية والمؤيد بالله، ولكن المؤيد بالله يشترط أن ينوي: من أول ما عليه، أو من آخر ما عليه، حيث تعددت الفائتة من جنس واحد كما تقدم، وأما كون المكلف يوصف بوجوب التكاليف الشرعية عليه من حين يخلق، فيمكن أن يقال: إنما ذلك من قبيل المجاز المرسل، تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه. ومما يوضح ذلك تصريحهم بأن الوقت سبب الوجوب في كل واجب مؤقت(٢)، ونحو ذلك، وأما ما نسب إلى الهادوية، من أنه يصح عندهم ممن عليه فوائت رباعيات مختلفات أن ينوي أربعا مما عليه، فلا شك في أن ذلك وهم بيّن، لا يقول به أحد منهم، كما حققه المؤلف أيده الله تعالى، ونصوصهم وقواعدهم تخالف ذلك وتأباه. والله أعلم.
[الفرض الثاني: تكبيرة الإحرام]
  قوله أيده الله تعالى: (مع التكبير، أو قبله بيسير، قائما) هذا هو الفرض الثاني من فروض الصلاة، ولا خلاف فيه إلا ما يروى عن نفاة الأذكار والزهري، وقد انقرض خلافهم(٣)، وقوله: (مع التكبير(٤)) أي يجب أن تكون النية مخالطة لتكبيرة الإحرام، أي ينوي الصلاة بقلبه حال نطقه بتكبيرة الإحرام، أو ينويها قبل نطقه بالتكبيرة بوقت يسير كما تقدم، وقد دخلت النية المقارنة، وهي أن يكبر عقيب أن ينوي من دون تراخ، ودخوله في عبارة الأثمار بقياس الفحوى؛ لأنها إذا صحت متقدمة على التكبيرة بوقت يسير فأولى وأحرى أن تصح متقدمة عليها من دون تخلل وقت بينهما.
  ويشترط لصحة تكبيرة الإحرام أن يفعلها الداخل في الصلاة حال كونه قائمًا، فلو فعلها قاعدًا لغير عذر، أو حال نهوضه للقيام قبل انتصابه أو نحو ذلك لم تصح؛ ودليل وجوب
(١) في (ب، ج): فات.
(٢) أصول السرخسي ١/ ٣٠، والتلويح على التوضيح ١/ ٢٠٧.
(٣) فإنهم ذهبوا إلى أن التكبير غير واجب في الصلاة. شفاء الأوام ١/ ٢٧٠، وقال ابن المنذر في الأوسط ٣/ ٧٧: لا أعلم أحدًا قال به غير الزهري. اهـ. قال في فتح الباري ٢/ ٢١٧: ونقله غيره عن سعيد بن المسيب، والأوزاعي، ومالك. ونقله في حلية العلماء ١/ ٨٩ عن الزهري والحسن بن صالح، وقال في الانتصار: ٣/ ١٩١: وهو معزو إلى الأصم وابن علية.
(٤) في (ب): مع التكبيرة.