باب: صفة الصلاة
  قلت: وتقوية المؤلف أيده الله تعالى لهذا القول يحتمل أنها لمجموعه، حتى لا تجب [قراءة](١) ثلاث الآيات، ويحتمل أنها لمجرد وجوب تكرار الفاتحة في كل ركعة، ولعله الأقرب(٢)، والله أعلم.
  وعن زيد بن علي والناصر: أن الواجب قراءة الفاتحة فقط في الركعتين الأولتين(٣)، وأبو حنيفة يوجب قراءة آية فيهما فقط(٤)، وعند صاحبيه: طويلة، أو ثلاث قصار(٥)، كما تقدم. قالوا: لأن المشروع في الأخيرتين التسبيح(٦). قلنا: والقراءة أيضا، فلا تتعين. وعند مالك أن الواجب قراءة الفاتحة فقط في الأكثر من الركعات، كالثلاث من الأربع، والثنتين من الثلاث، وفي كل الثنائية جمعا بين الأخبار(٧).
  قلنا: لا جمع بذلك، بل الواجب الترجيح. والله أعلم.
[حكم الجهر بالقراءة في الصلاة]
  قوله أيده الله تعالى: (جهرا في غير العصرين، ويتحملها الإمام عن السامع، وعلى المرأة أقله من رجل: أن يسمع من بجنبه) أراد بالعصرين: الظهر والعصر، وهذا من باب التغليب، كقولهم: العمران، لأبي بكر وعمر، والقمران، للشمس والقمر.
  وأراد بغير العصرين: المغرب، [والعشاء](٨)، والفجر، والجمعة، والعيدين، فيجب الجهر فيهن بالقدر الواجب من القراءة.
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب، ج).
(٢) في (ب، ج): ولعله أقرب.
(٣) البحر الزخار ٢/ ٤٠٣، والبيان الشافي ١/ ٢٣٩.
(٤) أي في الركعتين الأوليين فقط. انظر: بدائع الصنائع ١/ ١٦٠، واللباب ١/ ٩٢.
(٥) في (ب، ج): صغار.
(٦) بدائع الصنائع ١/ ١٦٠، والحجة على أهل المدينة ١/ ١٠٦، وفتح القدير ١/ ٣٩٥.
(٧) المدونة ١/ ١٦٣، وقال ابن عبد البر: وروي عنه - أي مالك - عن جماعة من أِهل المدينة أن من لم يقرأها في كل ركعة فسدت صلاته، إلا أن يكون مأموما، وهو الصحيح من القول في ذلك عندنا، ولهذا لا نرى لمن سها عن قراءتها في ركعة، إلا أن يلغيها، ويأتي بركعة بدلا منها، كمن أسقط سجدة سواء، وهو الاختيار لابن القاسم من أقوال فيها. الكافي ١/ ٦٦.
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).