تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب: صفة الصلاة

صفحة 168 - الجزء 2

  وأفاد بمفهومه أنه يجب في العصرين الإسرار بذلك، وهذا مذهب الهادي⁣(⁣١)، وهو قول ابن أبي ليلى⁣(⁣٢)؛ واستدل على ذلك⁣(⁣٣) بقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ١١٠}⁣(⁣٤) وفسر بذلك، وبما روي عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال: (إذا رأيتم من يجهر في صلاة النهار فارموه بالبعر) ويقال: صلاة النهار عجماء. حكاه في الشفاء، ومهذب الشافعية⁣(⁣٥)؛ ولأن المأثور عنه ÷ أنه كان يجهر في الأولتين من المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر، وصلاة الجمعة والعيدين، ويسر فيما عداهن، لم تختلف الرواية عنه ÷ في ذلك. والله أعلم.

  وعند المؤيد بالله، وأبي حنيفة، وأصحابه، والشافعي: أن الجهر والإسرار المذكورين غير واجبين⁣(⁣٦)، ومثله عن زيد بن علي، والناصر، وأحمد بن عيسى، وأبي عبد الله الداعي، وعامة أهل البيت $(⁣٧).

  واختلفوا هل هو سنة أو هيئة: فقال الناصر، والمؤيد بالله، والشافعي: هيئة، لا يسجد لتركه⁣(⁣٨). وقال زيد بن علي، وأبو عبد الله، والحنفية: إنه سنة، يسجد لتركه⁣(⁣٩)، قال في التقرير: أما في صلاة الجمعة فالجهر واجب بلا خلاف⁣(⁣١٠).

  قال في الياقوتة: فإن جهر في آية، وخافت في أخرى، وفي الركعة الثانية خافت فيما جهر به في الأولى وجهر بما خافت فيه، احتمل أن يجزئه. وعلى القول بالوجوب تفسد الصلاة بترك⁣(⁣١١) الواجب من الجهر والمخافتة؛ لما تقدم، ولقوله ÷: (وصلوا كما رأيتموني أصلي).


(١) الأحكام ١/ ٩٧ - ٩٨، والبحر الزخار ٢/ ٤١٣.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٣.

(٣) في (ب، ج): واستدل لذلك.

(٤) سورة الإسراء: ١١٠.

(٥) شفاء الأوام ١/ ٢٧٣، والمهذب للشيرازي ١/ ٢٥٠ قال النووي في شرح المجموع ٣/ ٣٥٥: هذا الحديث الذي ذكره باطل غريب لا أصل له. اهـ.

(٦) التذكرة الفاخرة ص ٩٩، ومجموع النووي ٣/ ٣٥٤، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٢.

(٧) شفاء الأوام ١/ ٢٧٣، وشرح الأزهار ١/ ٢٣٤.

(٨) البحر الزخار ٣/ ٤١٣، ومجموع ٣/ ٣٥٥.

(٩) شرح الأزهار ١/ ٢٣٤، والبيان الشافي ١/ ٢٣٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٢، وفيه: أنه إن كان إمامًا سجد لتركه، وإن كان منفردا لم يسجد لتركه.

(١٠) شرح الأزهار ١/ ٢٣٤.

(١١) في (ج): بتركه.