باب: صفة الصلاة
  وأفاد بمفهومه أنه يجب في العصرين الإسرار بذلك، وهذا مذهب الهادي(١)، وهو قول ابن أبي ليلى(٢)؛ واستدل على ذلك(٣) بقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ١١٠}(٤) وفسر بذلك، وبما روي عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال: (إذا رأيتم من يجهر في صلاة النهار فارموه بالبعر) ويقال: صلاة النهار عجماء. حكاه في الشفاء، ومهذب الشافعية(٥)؛ ولأن المأثور عنه ÷ أنه كان يجهر في الأولتين من المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر، وصلاة الجمعة والعيدين، ويسر فيما عداهن، لم تختلف الرواية عنه ÷ في ذلك. والله أعلم.
  وعند المؤيد بالله، وأبي حنيفة، وأصحابه، والشافعي: أن الجهر والإسرار المذكورين غير واجبين(٦)، ومثله عن زيد بن علي، والناصر، وأحمد بن عيسى، وأبي عبد الله الداعي، وعامة أهل البيت $(٧).
  واختلفوا هل هو سنة أو هيئة: فقال الناصر، والمؤيد بالله، والشافعي: هيئة، لا يسجد لتركه(٨). وقال زيد بن علي، وأبو عبد الله، والحنفية: إنه سنة، يسجد لتركه(٩)، قال في التقرير: أما في صلاة الجمعة فالجهر واجب بلا خلاف(١٠).
  قال في الياقوتة: فإن جهر في آية، وخافت في أخرى، وفي الركعة الثانية خافت فيما جهر به في الأولى وجهر بما خافت فيه، احتمل أن يجزئه. وعلى القول بالوجوب تفسد الصلاة بترك(١١) الواجب من الجهر والمخافتة؛ لما تقدم، ولقوله ÷: (وصلوا كما رأيتموني أصلي).
(١) الأحكام ١/ ٩٧ - ٩٨، والبحر الزخار ٢/ ٤١٣.
(٢) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٣.
(٣) في (ب، ج): واستدل لذلك.
(٤) سورة الإسراء: ١١٠.
(٥) شفاء الأوام ١/ ٢٧٣، والمهذب للشيرازي ١/ ٢٥٠ قال النووي في شرح المجموع ٣/ ٣٥٥: هذا الحديث الذي ذكره باطل غريب لا أصل له. اهـ.
(٦) التذكرة الفاخرة ص ٩٩، ومجموع النووي ٣/ ٣٥٤، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٢.
(٧) شفاء الأوام ١/ ٢٧٣، وشرح الأزهار ١/ ٢٣٤.
(٨) البحر الزخار ٣/ ٤١٣، ومجموع ٣/ ٣٥٥.
(٩) شرح الأزهار ١/ ٢٣٤، والبيان الشافي ١/ ٢٣٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٢، وفيه: أنه إن كان إمامًا سجد لتركه، وإن كان منفردا لم يسجد لتركه.
(١٠) شرح الأزهار ١/ ٢٣٤.
(١١) في (ج): بتركه.