كتاب الصلاة
  ثم ذكر المؤلف أيده الله تعالى ما يختص بالجهرية وذلك أمران:
  أحدهما: أن الإمام في الجهرية يتحمل القراءة عمن سمعه من المؤتمين، فيسقط عن السامع فرض المجهور به من القراءة [وغيرها](١) إذا جهر به الإمام، وسواء كانت جهرية للمؤتم أم لا، نحو أن يكون الإمام مصليًّا للجمعة والمؤتم مصليا للظهر، كما هو ظاهر عموم عبارة الأزهار والأثمار وغيرهما، لا إذا لم يسمع المؤتم؛ لصمم أو بعد أو تأخر فلا يسقط ذلك عنه بقراءة الإمام، بل يجب عليه أن يأتي به، وإلا فسدت صلاته عند الهادي والقاسم وغيرهما(٢)، وإن قرأ فيما يجهر فيه الإمام فسدت أيضًا عندهم؛ واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}(٣)، وبما روي عن النبي ÷ أنه قال في رواية لحديث أبي هريرة الذي فيه: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا قرأ فأنصتوا)(٤) وسيأتي.
  لكن قال أبو داود(٥): هذه الزيادة ليست بمحفوظة(٦)، وروي عنه ÷ أنه قال: (من صلى وله إمام فقراءة الإمام له قراءة)(٧).
  وفي الموطأ عن ابن عمر أنه كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فَحَسْبُهُ قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ، قال: وكان ابن عمر لا يقرأ خلف الإمام(٨).
  وعن أبي هريرة أن رسول الله ÷ انصرف من صلاة جهر فيها
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٢) الأحكام ١/ ١٠٧، والبحر الزخار ٢/ ٢٤٩، وهو قول المرتضى بن الهادي وأخيه الناصر. الثمرات ٣/ ٣٠٢.
(٣) سورة الأعراف: ٢٠٤.
(٤) أبو داود ١/ ٤٠٤ رقم (٦٠٤)، كتاب الصلاة - باب الإمام يصلي من قعود، والنسائي ٢/ ١٤١ - ١٤٢ رقم (٩٢١ - ٩٢٢)، كتاب الافتتاح - باب تأويل قوله ø: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، وابن ماجة ١/ ٢٧٦، كتاب إقامة الصلاة - باب: «إذا قرأ الإمام فأنصتوا»، والدارقطني ١/ ٣٢٧ رقم (١٠، ١١، ١٢)، كتاب الصلاة - باب ذكر قوله ÷: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة.
(٥) سنن أبي داود ١/ ٤٠٥ رقم (٦٠٤)، كتاب الصلاة - باب الإمام يصلي من قعود.
(٦) قال المنذري: وفيما قال نظر؛ فإن أبا خالد هذا هو سليمان بن حيان الأحمر، وهو من الثقات الذين احتج البخاري ومسلم بحديثهم في صحيحهما، ومع هذا فلم ينفرد بهذه الزيادة. انتهى باختصار. انظر: هامش سنن أبي داود ١/ ٤٠٥.
(٧) الدارقطني ١/ ٣٢٣ - ٣٢٦، والبيهقي ٢/ ١٦٠ - ١٦١، كتاب الصلاة - باب من قال: لا يقرأ خلف الإمام على الإطلاق، وشرح معاني الآثار ١/ ٢٧١ رقم (١٢٩٤)، ومصنف عبد الرزاق ٢/ ١٣٦ رقم (٢٧٩٧).
(٨) الموطأ ١/ ٧٠ رقم (٢٤٣)، كتاب الصلاة - باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه.