كتاب الصلاة
  يتقون بالحائل، وحينئذ فلا يصح حمل الحديث على ذلك؛ لأنه لو كان مطلوبهم السجود على الحائل لأذن لهم في اتخاذ ما يسجدون عليه منفصلا عنهم. وقد ثبت عنه ÷ أنه كان يصلي(١) على الخُمْرَةِ(٢)، وعلى الفِرَاشِ(٣)، فعلم أنه لم يمنعهم من الحائل، وإنما طلبوا منه تأخيرها زيادة على ما كان يؤخرها ويبرد بها، فلم يجبهم. والله أعلم. انتهى(٤).
  وقد ذكر في الغيث نحوه، وأيده بزيادة رويت في آخر الحديث، وهي: وقال: «إذا زالت الشمس فصلوا»(٥).
  قال في الغيث: وفي ذلك إطلاقان وتفصيل:
  الإطلاق الأول: لأبي العباس والمرتضى بن الهادي $ والشافعي. قيل: واختيار أبي طالب أن ذلك لا يصح مطلقًا(٦).
  الثاني: لأبي حنيفة والمؤيد مذهبًا وتخريجا أنه يصح مطلقًا، ويكره(٧). والمذهب التفصيل: وهو ما تقدم انتهى.
  وإنما فرق أهل المذهب ومن وافقهم(٨) بين محمول المصلي وغيره؛ لأن محموله كجزء منه. والصحيح أن محمول مصل آخر ليس كمحموله في ذلك.
  ومما يستثنى عصابة الجريحة في الجبهة، فيصح السجود عليها حيث خشي ضررًا من حلها.
  أما استثناء الحائل المنفصل فهو إجماع(٩). وأما ناصية الرجل فلمشقة الاحتراز
(١) في (ب، ج): كان يسجد.
(٢) صحيح البخاري ١/ ١٥٠ رقم (٣٧٤)، كتاب الصلاة في الثياب - باب الصلاة على الخمرة.
(٣) صحيح البخاري ١/ ١٥٠ رقم (٣٧٥ - ٣٧٧)، كتاب الصلاة ف الثياب - باب الصلاة على الفراش، وصحيح مسلم ١/ ٣٦٦ رقم (٥١٢)، كتاب الصلاة - باب الاعتراض بين يدي المصلي.
(٤) تلخيص الحبير ١/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٥) هذه الزيادة في حديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٤/ ٧٩ رقم (٣٧٠١)، والبيهقي في سننه ١/ ٤٣٩، كتاب الصلاة - باب ما روي في التعجيل بها في شدة الحر.
(٦) البحر الزخار ٢/ ٤٥٢، والأم ٢/ ١٧٩.
(٧) شرح الأزهار ١/ ٢٣٩، واللباب شرح الكتاب ١/ ٧٠.
(٨) الشافعية. المجموع للنووي ٣/ ٣٩٧.
(٩) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٣٣، والحاوي ٢/ ١٦٤، والكافي لابن عبد البر ١/ ٦٨، والمغني ١/ ٥٥٧.