كتاب الصلاة
  منها، مع ما روى الدارقطني(١) من حديث جابر: رأيت النبي ÷ يسجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر، وإن كان قد ضعف(٢). وأما عصابة الحرة فللستر.
  وأما عصابة الجريحة والمحمول لحر أو برد فللضر، ولا يكفي مجرد التألم.
  قال في الغيث: فلو خشي الضرر من الحر أو البرد ولم يجد إلا كف نفسه أو حيوانا فالأقرب أنه يكتفي بالإيماء. انتهى. والله أعلم.
  وأما الركبتان فيجب وضعهما على الأرض حال سجوده، وإلا بطلت صلاته، وكذلك باطن الكفين، وهما الراحتان، فلو لم يضعهما، أو وضعهما على ظاهريهما، أو على جوفهما، لم يصح سجوده ولا صلاته إن تعمد، وكذلك باطن القدمين، والمراد باطن أصابعهما، فلو نصبهما على ظاهر الأصابع لم يصح سجوده، فلو كان بعضها على باطنه، وبعضها على ظاهره، فالأقرب أن العبرة بالإبهام، ويحتمل أن العبرة بالأكثر مطلقا. هكذا في الغيث.
  قال فيه: وإن لا يسجد على هذه الأعضاء السبعة، التي هي الجبهة وهؤلاء، بل بقي بعضها لم يضعه على الأرض، أو وضعه لكن لا على الصفة المذكورة، بطلت صلاته إن فعل ذلك عمدًا، وإن كان سهوا بطلت تلك السجدة فقط، فيعود لها، ويرفض ما تخلل، على ما سيأتي.
  نعم: وفي أعضاء السجود أقوال:
  الأول: للقاضي زيد، ورواية عن المؤيد بالله: أن الواجب السجود على الجبهة فقط(٣).
  قلت: ومثله في شرح الإرشاد عن الرافعي. قال: لأنه لو وجب وضعها، يعني ما عدا الجبهة، لوجب الإيماء بها عند العجز. انتهى(٤).
  الثاني: لأبي حنيفة: أن الواجب على الجبهة فقط. وعنه: والأنف والراحتين(٥).
  الثالث: رواية عن المؤيد بالله: مثل قولنا، إلا القدمين(٦).
(١) سنن الدارقطني ١/ ٣٤٩ رقم (٤)، كتاب الصلاة - باب وجوب وضع الجبهة والأنف.
(٢) قال الدارقطني ١/ ٣٤٩: تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله، عن وهب وليس بالقوي.
(٣) التذكرة الفاخرة ص ١٠٠، والبحر الزخار ٢/ ٤٤٩.
(٤) العزيز شرح الوجيز ١/ ٥٢١. وهذا هو القول المشهور للشافعية. انظر: المجموع للنووي ٣/ ٤٠٢.
(٥) البحر الرائق ١/ ٦٠٩، واللباب ١/ ٧٠، وفي الهداية ١/ ٥٠ ما لفظه: ووضع اليدين والركبتين سنة عندنا؛ لتحقق السجود بدونها، وأما وضع القدمين فقد ذكر القدوري ¦ أنه فريضة في السجود.
(٦) البحر الزخار ٢/ ٤٥٠، والبيان الشافي ١/ ٢٤٥.