كتاب الصلاة
  وقيل: يجب عليه ذلك إن أمكن معه هيئة السجود الكامل(١)، وإلا فمندوب. وقيل: يجب مطلقا؛ لأن الساجد يجب عليه التنكيس ووضع الجبهة، فإذا تعذر أحدهما أتى بالآخر(٢).
  قوله أيده الله تعالى: (ثم اعتدال بين كل سجودين، ناصبا، فارشا، ويعزل للتعذر، وإلا فَمُمْكِنُهُ). هذا هو الفرض الثامن، وهو القعود التام؛ لقوله ÷: (ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا). أخرجه أبو داود(٣) في حديث تعليمه ÷ للصلاة، وقد تقدمت أطراف منه، وعند أبي حنيفة يجزي أدنى رفع(٤)، وعند مالك يكون أقرب إلى الجلوس(٥).
  ويجب أن يكون في حال اعتداله الواجب ناصبا لقدمه اليمنى فارشا لليسرى؛ لما في بعض روايات أبي حميد الساعدي(٦) في صفة صلاة النبي ÷ قال: (ثم يرفع رأسه، ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها)(٧).
  وقوله ÷ في إحدى روايات [حديث](٨) رفاعة: (فإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى) ونحوهما. وهذا قول العترة والشافعي، وعن
(١) قول أكثر الشافعية. انظر: العزيز شرح الوجيز ١/ ٥٢٢، والمجموع ٣/ ٤١٣.
(٢) هذا قول الغزالي من الشافعية. الوجيز ص ٣٧، والمجموع للنووي ٣/ ٤١٣.
(٣) سنن أبي داود ١/ ٥٣٩ رقم (٨٥٧)، كتاب الصلاة - باب صلاة لا يقيم صلبه في الركوع والسجود.
(٤) عند أبي حنيفة أربع روايات: ١ - أن يكون أقرب إلى القعود، وصححها صاحب الهداية.٢ - بحيث لا يشكل على الناظر أنه رفع وصححها في البدائع. ٣ - أدنى ما ينطلق عليه اسم الرفع، وصححها في المحيط والكافي. ٤ - يرفع رأسه من السجود بمقدار ما تمر الريح بينه وبين الأرض. البحر الرائق ١/ ٦١٥، وشرح فتح القدير ١/ ٢٦٧.
(٥) كره مالك الإقعاء في الجلوس بين السجدتين. المدونة ١/ ١٦٨، وذكر القاضي عبد الوهاب في الإشراف ١/ ٢٤٩: أن الاعتدال في الجلسة يخرج على الاعتدال في الرفع من الركوع، وهو غير واجب، مع أن الرفع من الركوع واجب عندهم.
(٦) واسمه المنذر بن سعد بن المنذر، وقيل: عبد الرحمن، شهد أحدًا وما بعدها، توفي سنة ٦٠ هـ. الإصابة ٤/ ٤٦، وأسد الغابة ٧/ ٧٦، والاستيعاب ٤/ ١٩٩.
(٧) سنن أبي داود ١/ ٤٧١ رقم (٧٣٤)، كتاب الصلاة - باب افتتاح الصلاة، والترمذي ٢/ ٤٦ رقم (٣٠٤)، كتاب الصالة - باب ما جاء في وصف الصلاة.
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).