تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 186 - الجزء 2

  واجبا مستقلا عقيب آخر سجدة من الصلاة، ومن لم يحسن الشهادتين والصلاة⁣(⁣١) وجب عليه القعود قدرهن، كما يجب القيام قدر القراءة على من تعذرت عليه وبدلها.

  ومما يدل على ذلك حديث تعليمه ÷ الصلاة، وقد تقدم، ولمواظبته ÷ على ذلك مع قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي). وعن مالك وغيره: لا يجب، بل يستحب⁣(⁣٢)؛ إذ قال تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}⁣(⁣٣). ولم يذكره.

  قلنا: أوجبته السنة. ودليل وجوب الشهادتين حديث ابن مسعود. ولفظه في ما رواه الدارقطني والبيهقي وصححاه⁣(⁣٤): كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: (السلام على الله قبل عباده) ... الحديث، وفيه: ولكن قولوا: التحيات لله ... الخ.

  واستدل به على فرضية التشهد الأخير؛ لقوله: قبل "أن يفرض علينا" فنص على الفرضية⁣(⁣٥)، وبقوله: "ولكن قولوا"؛ لأنه أمر، وظاهر الأمر الوجوب.

  وبوب عليه النسائي إيجاب التشهد⁣(⁣٦). وأصله في الصححين⁣(⁣٧) وغيرهما دون قوله: "قبل أن يفرض علينا"، والظاهر أن الواجب من الشهادتين أن نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله؛ والدليل على وجوب الصلاة على النبي ÷ قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ}⁣(⁣٨). ولا وجوب في غير الصلاة على الأصح⁣(⁣٩)، فتعين فيها. وقوله ÷ لما سئل⁣(⁣١٠): كيف نصلي عليك يا رسول الله إذا نحن صلينا عليك في صلواتنا؟ فقال⁣(⁣١١) قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ... الحديث هكذا في رواية ابن


(١) في (ب): في الصلاة.

(٢) تنوير المقالة ٢/ ٩٣.

(٣) سورة الحج: ٧٧.

(٤) سنن الدارقطني ١/ ٣٥٠، رقم (٤)، كتاب الصلاة - باب صفة التشهد ووجوبه، وسنن البيهقي ٢/ ١٣٨، كتاب الصلاة - باب مبتدأ فرض التشهد.

(٥) في (ب): الفريضة.

(٦) سنن النسائي ٣/ ٤٠ رقم (١٢٧٧)، كتاب السهو - باب إيجاب التشهد.

(٧) صحيح البخاري ١/ ٢٨٦ رقم (٧٩٧)، كتاب صفة الصلاة - باب التشهد في الآخرة، وصحيح مسلم ١/ ٣٠١ رقم (٤٠٢)، كتاب الصلاة - باب التشهد.

(٨) سورة الأحزاب: ٥٦.

(٩) الخلاف في المسألة: الثمرات اليانعة ٥/ ٩٠، والجامع لأحكام القرآن مج ٧/ج ١٤/ ١٥٠.

(١٠) السائل هو بشير بن سعد كما في مصادر التخريج الآتية.

(١١) في الأصل: فقالوا: قولوا.