كتاب الصلاة
  واجبا مستقلا عقيب آخر سجدة من الصلاة، ومن لم يحسن الشهادتين والصلاة(١) وجب عليه القعود قدرهن، كما يجب القيام قدر القراءة على من تعذرت عليه وبدلها.
  ومما يدل على ذلك حديث تعليمه ÷ الصلاة، وقد تقدم، ولمواظبته ÷ على ذلك مع قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي). وعن مالك وغيره: لا يجب، بل يستحب(٢)؛ إذ قال تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}(٣). ولم يذكره.
  قلنا: أوجبته السنة. ودليل وجوب الشهادتين حديث ابن مسعود. ولفظه في ما رواه الدارقطني والبيهقي وصححاه(٤): كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: (السلام على الله قبل عباده) ... الحديث، وفيه: ولكن قولوا: التحيات لله ... الخ.
  واستدل به على فرضية التشهد الأخير؛ لقوله: قبل "أن يفرض علينا" فنص على الفرضية(٥)، وبقوله: "ولكن قولوا"؛ لأنه أمر، وظاهر الأمر الوجوب.
  وبوب عليه النسائي إيجاب التشهد(٦). وأصله في الصححين(٧) وغيرهما دون قوله: "قبل أن يفرض علينا"، والظاهر أن الواجب من الشهادتين أن نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله؛ والدليل على وجوب الصلاة على النبي ÷ قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ}(٨). ولا وجوب في غير الصلاة على الأصح(٩)، فتعين فيها. وقوله ÷ لما سئل(١٠): كيف نصلي عليك يا رسول الله إذا نحن صلينا عليك في صلواتنا؟ فقال(١١) قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ... الحديث هكذا في رواية ابن
(١) في (ب): في الصلاة.
(٢) تنوير المقالة ٢/ ٩٣.
(٣) سورة الحج: ٧٧.
(٤) سنن الدارقطني ١/ ٣٥٠، رقم (٤)، كتاب الصلاة - باب صفة التشهد ووجوبه، وسنن البيهقي ٢/ ١٣٨، كتاب الصلاة - باب مبتدأ فرض التشهد.
(٥) في (ب): الفريضة.
(٦) سنن النسائي ٣/ ٤٠ رقم (١٢٧٧)، كتاب السهو - باب إيجاب التشهد.
(٧) صحيح البخاري ١/ ٢٨٦ رقم (٧٩٧)، كتاب صفة الصلاة - باب التشهد في الآخرة، وصحيح مسلم ١/ ٣٠١ رقم (٤٠٢)، كتاب الصلاة - باب التشهد.
(٨) سورة الأحزاب: ٥٦.
(٩) الخلاف في المسألة: الثمرات اليانعة ٥/ ٩٠، والجامع لأحكام القرآن مج ٧/ج ١٤/ ١٥٠.
(١٠) السائل هو بشير بن سعد كما في مصادر التخريج الآتية.
(١١) في الأصل: فقالوا: قولوا.