تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 191 - الجزء 2

  قلنا: ذلك يبطل الإعجاز، فلا يجوز. وإلى ذلك أشار المؤلف أيده الله تعالى بقوله: (ولو بغير عربية إلا القرآن فباستملاء. أبو طالب: لا تلقين) فيصح [الاستملاء]⁣(⁣١)، وهو القراءة من المصحف. ذكره القاسم⁣(⁣٢)، وحمل على أن مراده حيث لا يحتاج إلى حمل المصحف وتقليب الأوراق، وإلا فسدت؛ إذ هو فعل كثير.

  قال أبو طالب: ولا تصح القراءة بتلقين الغير إياه، بل تفسد الصلاة بذلك⁣(⁣٣).

  واستضعفه المؤلف - أيده الله تعالى -؛ إذ لا وجه يقتضي فساد الصلاة به.

  وحكى في الياقوتة عن القاضي يوسف أن مراد أبي طالب حيث كان التلقين لغير عذر، فأما لمرض أو تعلم فيجوز، قال فيها: فإن قرأ في صلاته معلمًا لآخر أجزأ المتعلم لا المعلم.

  قال في الغيث: وهذا هو القياس - أعني بطلان صلاة المعلم⁣(⁣٤).

  قلت: لأنه كمن يخاطب الغير بالقراءة، وإنما فرق أبو طالب⁣(⁣٥) بين الاستملاء والتلقين؛ لأن الاستملاء ليس بفعل كثير، بخلاف انتظار الملقن. وعن الشافعي، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، ونسب إلى أبي طالب أنه لا يجزئ أيهما؛ لأن في كليهما انتظارًا، ولو بالقلب، وهو فعل كثير⁣(⁣٦).

  وكذلك لا يصح التعكيس في القراءة، فلو قدم آخر الفاتحة على أولها أو غيَّر ترتيبها لم تصح صلاته؛ لإبطاله النظم المعجز. وإنما لم يذكره المؤلف؛ لظهور أمره؛ إذ المعكَّس ليس بقرآن.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٢) شرح الأزهار ١/ ٢٤٥.

(٣) التذكرة الفاخرة ص ٩٩، والبحر الزخار ٢/ ٤١٤.

(٤) شرح الأزهار ١/ ٢٤٥.

(٥) في الأصل: وإنما فرق أهل المذهب، وكتب الناسخ على السطر: في نسخة: أبو طالب.

(٦) شرح الأزهار ١/ ٢٤٥، والبحر الزخار ٢/ ٤١٤ عن الشافعي، وأبي يوسف، ومحمد: أنه تصح القراءة من المصحف، ولو احتاج إلى غير النظر كالحمل وتقليب الصفحات. وفي العزيز ١/ ٥٠١: أنه يصح القراءة من المصحف لمن لا يقدر أن يقرأ بدونه. وأما رأي أبي طالب فهو في البحر، وشرح الأزهار. وفي مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨. عن أبي حنيفة: فيمن يقرأ من المصحف صلاته فاسدة. وقال أبو يوسف، ومحمد: يكره. وانظر: الأصل ١/ ١٩٦.