باب: صفة الصلاة
  قوله أيده الله: (أو تعذر الإيماء بالرأس مضطجعًا) أي تسقط الصلاة عن العليل بأحد أمرين: إما بزوال عقله كما تقدم، وإما(١) بعجزه حتى تعذر عليه الإيماء برأسه للركوع والسجود حال كونه مضطجعًا. ذكر ذلك أبو العباس، وأبو طالب لمذهب الهادي والقاسم(٢)، وهو قول أبي حنيفة(٣).
  وإنما قال "مضطجعا"؛ لأنه لو كان يمكنه القعود، لكنه لا يمكنه الإيماء برأسه؛ لِعَارِضٍ في رقبته من يبس أو غيره، لم تسقط عنه حينئذ، كما سيأتي.
  وعند المؤيد بالله: لا تسقط عنه ما دام يقدر على الإيماء بالعينين والحاجبين، وهو قول الشافعي(٤).
  وعن زفر: بالقلب حيث تعذر الإيماء بالعينين والحاجبين(٥).
  قلنا لهم جميعا: ليس ما ذكرتم [بصلاة](٦)؛ والأصل في صلاة العليل قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}(٧) فسرها ابن مسعود بصلاة المريض(٨). وقوله ÷ في حديث عمران بن حصين: (صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب). هكذا في رواية البخاري وغيره(٩).
  قالوا: وروي عنه ÷ أنه قال: (يصلي المريض قائمًا، فإن لم يستطع فجالسًا، فإن لم يستطع صلى على جنب، مستقبل القبلة، فإن لم يستطع صلى مستلقيًا على قفاه، ورجلاه إلى القبلة، وأومأ بطرفه)(١٠).
(١) في (ب، ج): أو بعجزه.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٢٥٩، والانتصار ٢/ ٦٤٩.
(٣) قال في البحر الرائق ٢/ ١٨٣: وإلا أخرت: أي إن لم يقدر على الإيماء برأسه أخرت الصلاة إلى القدرة، وفي الهداية: وقوله أخرت عنه إشارة إلى أنه لا تسقط الصلاة عنه وإن كان العجز أكثر من يوم وليلة إذا كان مفيقا هو الصحيح لأنه يفهم مضمون الخطاب بخلاف المغمى عليه ا هـ. وذهب شيخ الإسلام وقاضي خان وقاضي غني إلى أن الصحيح هو السقوط عن الكثرة لا القلة، وفي الظهيرية وهو ظاهر الرواية وعليه الفتوى، وفي الخلاصة وهو المختار لأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب. اهـ.
(٤) روضة الطالبين ص ١٠٧، والعزيز ١/ ٤٨٥، شرح الأزهار ١/ ٢٥٩، والانتصار ٢/ ٦٤٣.
(٥) البحر الرائق ٢/ ١٨٤، ومثله حكي عن الغزالي. انظر: الانتصار ٢/ ٦٤٨.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٧) سورة النساء: ١٠٣.
(٨) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٣/ج ٥/ ٢٤٠.
(٩) صحيح البخاري ١/ ٣٧٦ رقم (١٠٦٦)، وسنن الترمذي ٢/ ٢٠٨ رقم (٣٧٢).
(١٠) سنن الدارقطني ٢/ ٤٢، وسنن البيهقي ٢/ ٣٠٨ نحوه، وليس فيه: أومأ بطرفه.