كتاب الصلاة
  طهارة"(١) اختيارا منه أن الاختلاف في التحري في الطهارة كالاختلاف في المذهب سواء سواء، وأنه يصح أن يصلي الهادوي الذي غلب على ظنه(٢) أن الماء كثير يحمل النجاسة بهادوي يرى أنه قليل لا يحملها، ونحو ذلك، كما لو اختلف مذهبهما؛ لأن الإمام حاكم فيهما معًا، قال: ولا وجه لما ذكره الإمام [المهدي في الأزهار](٣) من الفرق بين التحري واختلاف المذهب من أن المتحري يستند إلى أمارة عقلية، والاختلاف في المذهب كل منهم يستند إلى أمارة شرعية، وكل مجتهد فيها مصيب، قال أيده الله تعالى ما معناه: لأن كل [واحد](٤) منهما يستند إلى أمارة عقلية وشرعية؛ لأن كل واحدٍ في الصورتين أصل ثبوت الحكم في حقه النظر في الأمارات، والشرع قد أباح لكل واحد في الصورتين العمل بما عنده من دون حرج، بل أوجب عليه ذلك، وكل واحد منهما محق فيما فعله عنده وعند صاحبه، ألا ترى أن الهادويين إذا اختلفا في التحري في مائين، فأدى تحري كل واحد منهما إلى خلاف ما أدى إليه تحري الآخر، بأن قال أحدهما: هذا كثير يحمل النجاسة، والماء الثاني لا يحملها. وقال الآخر: بل العكس، فإن كل واحد منهما إذا توضأ بما غلب على ظنه أنه كثير يحمل النجاسة، وعند صاحبه أنه قليل [لا يحملها](٥) صوبه صاحبه ولم يخطئه(٦) بذلك، بل يعتقد أنه لو توضأ بالماء الآخر كان مخطئا غير مصيب، فعرفت أن ذلك مثل الاختلاف في المذهب، فأين تجد للفرق مدخلا؟
  قال: ولا يقال: إن الاختلاف في التحري كالاختلاف في القبلة أو في الوقت؛ لإنه إنما لم يصح في الوقت؛ لأن المؤتم الذي لا يرى دخول الوقت، إذا صلى خلف من يرى دخوله فقد خالف تحريه، وفي القبلة؛ لأن المؤتم إذا صلى إلى جهة إمامه فقد خالف متحراه، وإن(٧) صلى إلى غيرها فقد خالف إمامه، فلم يكن ذلك مثل ما ذكر في الطهارة، وأيضًا فقد ذكروا أن المؤتم الذي لا يرى دخول الوقت إذا(٨) دخل مع الإمام في آخر
(١) لفظ الأزهار ص ٤٣: والمختلفين فرضًا وأداء أو قضاء أو في التحري وقتا أو قبلة أو طهارة.
(٢) في (ب، ج): غلب ظنه.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة لتوضيح المقصود.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب).
(٦) في (ج): فلم يخطئه.
(٧) في (ب، ج): فإن صلى.
(٨) في الأصل: إلا إذا دخل مع الإمام.