تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 284 - الجزء 2

  قوله أيده الله: (ولا أوسط لمن فاتته أولى أربع) أي لا يشرع التشهد الأوسط لمن فاتته الركعة الأولى من صلاة رباعية؛ لتعذر ذلك عليه شرعًا؛ لأنه إن أتى به في ثانية الإمام أتى به في غير محله؛ إذ هي أولى له.

  قيل (الفقيه يحيى): فإن تشهد حينئذ لم تفسد صلاته بذلك، لكن يسجد للسهو، وإن أتى به في ثانية نفسه أخل بواجب، وهو متابعة الإمام في القيام، فتفسد صلاته بذلك؛ لأنه مخالف للإمام بفعل كثير وزيادة ركن عمدًا. كذا في الغيث⁣(⁣١).

  ومفهوم عبارة الأثمار أنه من فاته من الرباعية أكثر من الأولى، أو فاتته الأولى من الثلاثية، فإنه يسن له التشهد الأوسط؛ إذ لا مانع من ذلك⁣(⁣٢).

  قوله أيده الله تعالى: (ويتابع ويتم بعد تسليم الإمام) أي يجب على اللاحق أن يتابع الإمام بعد دخوله معه، فيقعد حيث يقعد، وإن لم يكن موضع قعود له، ويقوم بقيامه، ولو فاته مسنون بمتابعته، ثم يتم ما فاته من الصلاة بعد تسليم الإمام⁣(⁣٣).

  ولا يجوز له أن يقوم للإتمام قبل كمال تسليم الإمام؛ لأن المتابعة له واجبة ما دام في الصلاة، فلو قام قبل فراغ الإمام من التسليمتين فسدت صلاته على الأصح⁣(⁣٤)، وهو مقتضى عبارة الأثمار؛ ووجه الفساد أنه يجب عليه انتظار فراغ الإمام من صلاته، وأن لا يشرع في الإتمام إلا بعد ذلك.

  فإن خالف ذلك أخل بواجب. وهذا حيث تعمد. فأما لو قام سهوًا قبل فراغ [الإمام]⁣(⁣٥) وجب أن ينتظره قائما، ولا يعود إلى القعود على الأصح.

  فائدة: قال في الغيث: إذا سجد الإمام للسهو، فذكر المؤيد في التجريد أن الهادي نص في المنتخب أن اللاحق لا يقوم إلا بعد سجود الإمام للسهو⁣(⁣٦)، وكذا عن


(١) شرح الأزهار ١/ ٣٠١.

(٢) وعبارة الأزهار ص ٤٥: ولا يتشهد الأوسط من فاته الأولى من أربع، ويتابعه، ويتم ما فاته بعد التسليم.

(٣) شرح الأزهار ١/ ٣٠٢، والتحرير ١/ ٩٩، والانتصار ٣/ ٦٩٣.

(٤) وذهب الحنفية إلى أنه إن قرأ بعد قعود الإمام مقدار التشهد ما يجزئ به الصلاة فصلاته جائزة. ينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٨.

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).

(٦) المنتخب ص ٤٣.