كتاب الصلاة
  ويستحب لمن قد صلى، ولو إمامًا، ثم رأى رجلا يصلي وحده أن يصلي معه(١)؛ لحديث أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل وقد صلى رسول الله ÷ فقال: «أيكم يَتَّجِرُ على هذا»؟ فقام رجل فصلى معه. هذه رواية الترمذي(٢).
  وفي رواية أبي داود أن النبي ÷ أبصر رجلا يصلي وحده، فقال: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه»(٣).
  الفائدة الثالثة: أنه يكره جماعتان في مسجد واحد، في حالة واحدة، لفرض واحد؛ لما في ذلك من التفرق المنهي عنه المؤدي إلى الشحناء(٤).
  وأما في حالتين فقال الهادي: لا بأس بذلك(٥)، وقال أبو حنيفة: يكره إذا كان للمسجد راتب(٦).
  قال في الانتصار: الخلاف في مساجد المحال ونحوها، لا في الجوامع ومساجد الأسواق، فلا كراهة بالإجماع؛ لأن ذلك لا يؤدي إلى الشحناء.
  قوله أيده الله تعالى: (ولا يزد الإمام على معتاد انتظارًا) أي لا يشرع للإمام إذا أحس بلاحق يريد الدخول معه في الصلاة أن يزيد على القدر على من يعتاد من القراءة في حال القيام أو التسبيح في حال الركوع لأجل انتظار ذلك اللاحق. هذا هو المذهب، وهو قول أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي(٧)؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله ÷
(١) روضة الطالبين ص ١٥٤، والانتصار ٣/ ٥١٠.
(٢) سنن الترمذي ص ٥٩ رقم (٢٢٠)، كتاب أبواب الصلاة - باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلى فيه مرة، وصحيح ابن خزيمة ٣/ ٦٣ رقم (١٦٣٢)، باب الرخصة في الصلاة جماعة في المسجد الذي قد جمع فيه ضد قول من زعم أنهم يصلون فرادى إذا صلى في المسجد جماعة مرة، ومصنف ابن أبي شيبة ٢/ ١١٢ رقم (٧٠٩٧)
(٣) سنن أبي داود ص ١١٣ رقم (٥٧٠)، كتاب الصلاة - باب في الجمع في المسجد مرتين، وسنن البيهقي ٢/ ٣٠٣ رقم (٣٤٦٥، ومصنف ابن أبي شيبة ٢/ ١١٢ رقم (٧٠٩٨)، ومسند أحمد ٣/ ٦٤ رقم (١١٦٣١)، والمعجم الكبير ٦/ ٢٥٤ رقم (٦١٤٠)
(٤) الانتصار ٣/ ٥١٠.
(٥) التحرير ١/ ٩٩، والانتصار ٣/ ٥١٠.
(٦) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٥١.
(٧) شرح الأزهار ١/ ٣٠٥، والانتصار ١/ ٥٢٥، والتذكرة الفاخرة ص ١١٤، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٤٨، والمهذب ١/ ٣١٧، وروضة الطالبين ص ١٥٣.