تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 322 - الجزء 2

  وأما في الفساد فلا يعمل بخبر العدل، إلا إذا كان شاكًا⁣(⁣١) في صحتها، [لا]⁣(⁣٢) لو غلب في ظنه أنها صحيحة، فإنه لا يعمل بخبر العدل بفسادها، بل يعمل بما عند نفسه⁣(⁣٣).

  وقد اختلف في وجه الفرق بين الأمرين. والتحقيق أن خبر المخبر لا يخلو: إما أن يستند إلى علم منه أو ظن، إن استند إلى ظن لم يرجح على ظن المصلي غالبا. وإن استند إلى علم فلا يخلو إما أن يعارضه⁣(⁣٤) خبر عدل آخر أو لا، إن عارضه تساقطا، وإن لم يعارضه فلا يخلو: إما أن يحصل للمصلي ظن بخلافه أم لا، إن لم يحصل عمل به، وإن حصل فلا يخلو إما أن يستند إلى قرينة توازي الخبر في القوة أو لا إن لم يستند إلى قرينة موازية للخبر في القوة وجب العمل بالخبر دون ذلك الظن. وإن استند إلى قرينة موازية وجب عليه العمل بما عند نفسه⁣(⁣٥).

  وأما خبر الفاسق فحكمه حكم الأمارة الحالية إن حصل بها ظن عمل به وإلا فلا. انتهى من الغيث باختصار. والله الموفق.

  قوله أيده الله تعالى: (ولا يعمل بظنه أو شكه فيما يخالف إمامه) وذلك فيما يجب فيه متابعة الإمام من أعمال الصلاة، لا ما لا يجب المتابعة فيه، كالتكبير، والتسبيح، والتسليم، فيتحرى فيها المؤتم لنفسه، ولو خالف إمامه؛ والوجه في عدم جواز العمل بالظن فيما يخالف الإمام مما ذكر قوله ÷: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه»⁣(⁣٦) الخبر، فلا يجوز أن يترك الواجب المقطوع به، وهو المتابعة، لأجل الظن العارض، ولا الشك⁣(⁣٧) بطريق الأولى⁣(⁣٨).


(١) في (ب، ج): إلا مع الشك في صحتها.

(٢) سقط (لا) من الأصل، وكتبها الناسخ بين السطور، وأشار بـ (ظ).

(٣) التذكرة الفاخرة ص ١٢١، وشرح الأزهار ١/ ٣٢٧، والبرح الزخار ١/ ٣٣٩.

(٤) في (ب): يعارض.

(٥) شرح الأزهار ١/ ٣١٦.

(٦) صحيح البخاري ص ١٣٨ رقم (٦٨٨)، كتاب الأذان - باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، ومسلم ص ٢٠٩ - ٢١٠ رقم (٤١١)، كتاب الصلاة - باب ائتمام المأموم بالإمام، والترمذي ص ٩٢ رقم (٣٦١)، كتاب أبواب الصلاة - باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا، وأبو داود ص ١١٨ رقم (٦٠١)، كتاب الصلاة - باب الإمام يصلي من قعود، وابن ماجة ص ١٨٢ رقم (١٢٣٨)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء في إنما جعل الإمام ليؤتم به.

(٧) في (ب، ج): لا للشك.

(٨) الانتصار ٣/ ٧٩٦.