[شرح خطبة الأثمار]
  على إيثار(١) ما يجب على المقلد تحقيق معرفته، ولا يسعه الجهل بكنه حقيقته، من علم أصول الأحكام فبادرت إلى امتثال إشارته؛ إيثارًا للقيام بواجب طاعته، مقتفيًا في جميع ذلك لآثاره، مهتديًا بمناره، مقتبسًا من سناء أنواره(٢)، مغترفًا من تيار بحاره، معترفا
  بقصور الباع في الرَّوية والرواية، معتصمًا بحبل توفيق الله سبحانه في البداية والنهاية، فهو عز سلطانه ولي العصمة والتوفيق، والهادي لسلوك مناهج التحقيق، لا إله إلاَّ هو عليه توكلت وإليه أنيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
  (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين)، الباء في: «بسم الله» يحتمل: [أن تكون باء الاستعانة(٣)، وأن تكون باء المصاحبة](٤)، ومتعلقها محذوف يقدر متأخرًا، تقديره مستعينا باسم الله ابتدئ، ونحو ذلك، وإنما قدر متعلق الباء متأخرًا؛ لقصد الاختصاص؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يبتدءون بأسماء آلهتم، فقصد الموحدون اختصاص اسم الله بالابتداء، وذلك يحصل بتقديم المتعلق وتأخير الفعل، كما في قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ}(٥) أي لا إلى غيره ونحوه. وأما تقديم الفعل في قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}(٦) فلأن الأهم في ذلك المقام تقديم الأمر بالقراءة؛ لأنها أول سورة نزلت على الأصح(٧). والاسم مشتق من السُّمُو: وهو العلو على المختار(٨)؛ لأن في التسمية رفعًا لذكر المسمى، وأصله «سِمْوٌ» [بكسر السين وسكون الميم](٩)، فحذفت لامه، وهي الواو، وعوضت عنها همزة الوصل في أوله، وهي تذهب في الدرج
(١) سقط من (ب، ج) كلمة: إيثار.
(٢) في (ب): من سني أنواره.
(٣) كعملت بالقدوم؛ لأن المعنى: أقرأ مستعينًا بالله. ينظر: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تأليف: أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي (ت: ٧٥٦ هـ)، تحقيق: الدكتور أحمد محمد الخراط - دار القلم ١/ ١٤.
(٤) في (ش): يحتمل أن تكون للمصاحبة وأن تكون للاستعانة.
(٥) سورة آل عمران: ١٥٨.
(٦) سورة العلق: ١.
(٧) ينظر: الإتقان في علوم القرآن، للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت: ٩١١ هـ)، تحقيق: د. محمود القيسية، محمد أشرف الأتاسي - مؤسسة النداء - ط ١ (١٤٢٤ هـ/٢٠٠٣ م) ١/ ١٠٥.
(٨) وهو ما ذهب إليه أهل البصرة، وذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من الوسم، وهو العلامة؛ لأنه علامة على مسماة. ينظر: الدر المصون ١/ ١٩.
(٩) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).