كتاب الصلاة
  قال في البحر: وفي السائر وجهان: يومي للعذر أو يسجد؛ إذ الإيماء ليس سجودًا.
  وفي الاستغناء بالركوع قولان: المذهب والشافعي: لا يغني؛ إذ لم يؤثر.
  أبو حنيفة: يغني؛ إذ القصد الخضوع(١). انتهى.
  وقوله: "شكرًا أواستغفارًا" إلى آخره - بيان للأسباب المستدعية للسجود المذكور(٢).
  أما الشكر فقد يكون لحدوث نعمة، أو تذكرها، أو اندفاع بلية، أو نحو ذلك؛ لما رواه ابن عباس أن النبي ÷ سجد في «ص» وقال: ((سجدها [داود](٣) توبة، ونحن نسجدها شكرًا))(٤).
  وما رواه أبو بكرة(٥) أن رسول الله ÷ كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خَرَّ ساجدًا شاكرًا لله تعالى. أخرجه أبو داود، وللترمذي نحوه(٦)، وفي ذلك أحاديث أخر.
  وعن مالك أن سجدة الشكر غير مشروعة(٧)، ولعله لم يبلغه ما ورد في ذلك، أو لم يصح له.
  وأما الاستغفار فحيث يتذكر المكلف ذنبًا اقترفه وأراد التوبة إلى الله تعالى والتعرض(٨) للغفران، فإنه يندب له السجود لذلك، وليس المعنى أنه(٩) يقول في سجوده: أستغفر الله(١٠) ونحوه، بل يسبح كما تقدم، وإن طلب المغفرة مع ذلك
(١) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٤٢، والبحر الزخار ١/ ٣٤٥ و ٣/ ٨٣٠.
(٢) في الأصل: المذكورة.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).
(٤) صحيح البخاري ص ٢١٠ رقم (١٠٦٩)، كتاب سجود القرآن - باب سجدة (ص)، وسنن الترمذي ص ١٤٣ رقم (٥٧٧)، كتاب أبواب السفر - باب ما جاء في السجدة في (ص)، وسنن أبي داود ص ٢٤٨ رقم (١٤٠٧)، كتاب سجود القرآن - باب السجود في (ص)، وسنن النسائي ص ١٦٧ رقم (٩٥٦)، كتاب الافتتاح - باب سجود القرآن السجود في (ص).
(٥) في (ب، ج): أبو بكر.
(٦) سنن أبي داود ص ٤٧٣ رقم (٢٧٧١)، كتاب الجهاد - باب في سجود الشكر، وسنن البيهقي ٢/ ٣٦٩ رقم (٣٧٤٩)، كتاب الصلاة - باب سجود الشكر، وسنن الدارقطني ٤/ ١٤٧ رقم (١٧).
(٧) عيون المجالس ١/ ٣٢٨، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٤٣.
(٨) في (ب): والتعريض للغفران.
(٩) في (ب): أن يقول.
(١٠) في (ب، ج): أستغفرك.