تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 334 - الجزء 2

  فحسن⁣(⁣١)؛ لما رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة، أن رسول الله ÷ قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء»⁣(⁣٢).

  قوله أيده الله تعالى: (أو لتلاوة الخمس عشرة [آية]⁣(⁣٣) أو سماعها) هذا هو [السبب]⁣(⁣٤) الثالث من أسباب السجود، وهو⁣(⁣٥) تلاوة الخمس عشرة آية المعروفة، أو بعضها، أو سماع ذلك، وسواء قصد الاستماع أم لا.

  وقد اختلف في حكم سجود التلاوة، وفي عدد آيات السجود، وفي كيفية السجود.

  أما حكمه: فالمذهب على ما حكاه أصحابنا، وهو قول الشافعي: أن سجدات التلاوة كلها مستحبة غير واجبة⁣(⁣٦).

  وقال أبو حنيفة: بل واجبة على القارئ والسامع؛ إذ بعضها بلفظ الأمر، كسجدة القلم، وبعضها بالتوبيخ، كـ {لَا يَسْجُدُونَ ٢١}⁣(⁣٧)، وباقيها مقيسة⁣(⁣٨).

  لنا: حديث زيد بن ثابت أنه قرأ على رسول الله ÷ سورة النجم، فلم يسجد فيها. أخرجه الشيخان، وغيرهما⁣(⁣٩). فدل تركه السجود في حال على أنه مندوب فقط. والله أعلم.


(١) شرح الأزهار ١/ ٣٣٣.

(٢) صحيح مسلم ص ٢٣٤ رقم (٤٨٢)، كتاب الصلاة - باب ما يقال في الركوع والسجود، وسنن أبي داود ص ١٦٠ رقم (٨٧٠)، كتاب الصلاة - باب في الدعاء في الركوع والسجود، وسنن النسائي ص ١٩٦ رقم (١١٣٦)، كتاب التطبيق - باب أقرب ما يكون العبد من الله ø.

(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب).

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب).

(٥) في (ب): وهن تلاوة.

(٦) المهذب ١/ ٢٨٤، وروضة الطالبين ص ١٤٣، والانتصار ٣/ ٨١٨، وهو قول مالك، وأحمد بن حنبل، وهو الرأي الراجح عندي. ينظر: عيون المجالس ١/ ٣٢٥، والمدونة ١/ ١٩٩، والمغني ١/ ٦٥٢، والإنصاف ٢/ ١٩٣.

(٧) سورة الانشقاق: ٢١.

(٨) شرح فتح القدير ١/ ٤٦٥، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٤٠، ومختصر الطحاوي ص ٢٩.

(٩) صحيح البخاري ص ٢١١ رقم (١٠٧٢)، كتاب سجود القرآن - باب من قرأ السجدة ولم يسجد، وصحيح مسلم ص ٢٦٥ رقم ٥٧٧، وسنن الترمذي ص ١٤٣ رقم (٥٧٦)، كتاب أبواب السفر - باب ما جاء من لم يسجد فيه، وسنن أبي داود ص ٢٤٧ رقم (١٤٠١)، كتاب سجود القرآن - باب من لم ير السجود في المفصل، وسنن النسائي ص ١٦٧ رقم (٩٥٩)، كتاب الافتتاح - باب ترك السجود في النجم.