كتاب الصلاة
  فحسن(١)؛ لما رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة، أن رسول الله ÷ قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء»(٢).
  قوله أيده الله تعالى: (أو لتلاوة الخمس عشرة [آية](٣) أو سماعها) هذا هو [السبب](٤) الثالث من أسباب السجود، وهو(٥) تلاوة الخمس عشرة آية المعروفة، أو بعضها، أو سماع ذلك، وسواء قصد الاستماع أم لا.
  وقد اختلف في حكم سجود التلاوة، وفي عدد آيات السجود، وفي كيفية السجود.
  أما حكمه: فالمذهب على ما حكاه أصحابنا، وهو قول الشافعي: أن سجدات التلاوة كلها مستحبة غير واجبة(٦).
  وقال أبو حنيفة: بل واجبة على القارئ والسامع؛ إذ بعضها بلفظ الأمر، كسجدة القلم، وبعضها بالتوبيخ، كـ {لَا يَسْجُدُونَ ٢١}(٧)، وباقيها مقيسة(٨).
  لنا: حديث زيد بن ثابت أنه قرأ على رسول الله ÷ سورة النجم، فلم يسجد فيها. أخرجه الشيخان، وغيرهما(٩). فدل تركه السجود في حال على أنه مندوب فقط. والله أعلم.
(١) شرح الأزهار ١/ ٣٣٣.
(٢) صحيح مسلم ص ٢٣٤ رقم (٤٨٢)، كتاب الصلاة - باب ما يقال في الركوع والسجود، وسنن أبي داود ص ١٦٠ رقم (٨٧٠)، كتاب الصلاة - باب في الدعاء في الركوع والسجود، وسنن النسائي ص ١٩٦ رقم (١١٣٦)، كتاب التطبيق - باب أقرب ما يكون العبد من الله ø.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب).
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب).
(٥) في (ب): وهن تلاوة.
(٦) المهذب ١/ ٢٨٤، وروضة الطالبين ص ١٤٣، والانتصار ٣/ ٨١٨، وهو قول مالك، وأحمد بن حنبل، وهو الرأي الراجح عندي. ينظر: عيون المجالس ١/ ٣٢٥، والمدونة ١/ ١٩٩، والمغني ١/ ٦٥٢، والإنصاف ٢/ ١٩٣.
(٧) سورة الانشقاق: ٢١.
(٨) شرح فتح القدير ١/ ٤٦٥، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٤٠، ومختصر الطحاوي ص ٢٩.
(٩) صحيح البخاري ص ٢١١ رقم (١٠٧٢)، كتاب سجود القرآن - باب من قرأ السجدة ولم يسجد، وصحيح مسلم ص ٢٦٥ رقم ٥٧٧، وسنن الترمذي ص ١٤٣ رقم (٥٧٦)، كتاب أبواب السفر - باب ما جاء من لم يسجد فيه، وسنن أبي داود ص ٢٤٧ رقم (١٤٠١)، كتاب سجود القرآن - باب من لم ير السجود في المفصل، وسنن النسائي ص ١٦٧ رقم (٩٥٩)، كتاب الافتتاح - باب ترك السجود في النجم.