كتاب الصلاة
  وقال الإمام يحيى، وأبو حنيفة، والشافعي: يجوز السجود حال الصلاة، ولو كانت فرضا، ولا تفسد بذلك(١)، قلنا: هو فعل كثير.
  فأما النافلة فيجوز السجود فيها عندنا وعندهم؛ لخفة حكمها، وجواز الزيادة فيها، لكن الأولى عندنا التأخير حتى يفرغ منها(٢).
  وقوله: بل بعد الفراغ [من صلاته](٣)، معناه أنه المصلي فرضًا إذا تلا آية سجدة أو سمعها سجد لها بعد الفراغ من صلاته؛ لأن إتمامه للفريضة لا يعد إعراضًا، فلا يبطل بذلك سجود التلاوة(٤)؛ إذ هو يبطل بالانتقال من مجلس التلاوة، وبالاشتغال بما يعد إعراضا عنه. ذكره في الانتصار(٥).
  قال في البحر: من تلا آية سجود وسمع أخرى نوى سجوده لهما، كغسل لعيدٍ(٦) وجمعةٍ(٧).
  قوله أيده الله تعالى: (ولا تكرار لتكرار في المجلس) أي لا يسن تكرار سجود التلاوة لتكرر(٨) تلاوة أيتها في مجلس واحد من قارئ واحد(٩)، خلاف الشافعي(١٠).
  قلنا: المجلس كالوقت للصلاة، فالسبب المقتضي للسجود هو مجموع المجلس والتلاوة أو السماع، ولا تأثير لجزء السبب وحده في اقتضاء المسبب.
(١) الانتصار ٣/ ٨٣٢، والمهذب ١/ ٢٨٦، وبدائع الصنائع ١/ ١٨٠.
(٢) الانتصار ٣/ ٨٣٠، والبحر الزخار ١/ ٣٤٥.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٤) شرح الأزهار ١/ ٣٢٣.
(٥) الانتصار ٣/ ٨٢٧.
(٦) في الأصل: العيد.
(٧) البحر الزخار ٢/ ٣٤٥.
(٨) في (ب): لتكرار.
(٩) البحر الزخار ١/ ٣٣٥، وشرح الأزهار ١/ ٣٣٤.
(١٠) عند الشافعية: إذا قرأ آيات السجدات في مكان واحد سجد لكل واحدة، فلو كرر الآية الواحدة في المجلس الواحد نظر: إن لم يسجد للمرة الأولى كفاه سجود واحد، وإن سجد للأولى فثلاثة أوجه، الأصح يسجد مرة أخرى؛ لتجدد السبب. والثاني: يكفيه الأول، والثالث: إن طال الفصل سجد أخرى، وإلا فتكفيه الأولى. روضة الطالبين ص ١٤٤.