تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 341 - الجزء 2

  واستضعفه المؤلف - أيده الله تعالى - في العامد. واختار عدم وجوب القضاء عليه؛ لعدم الدليل فيه، كما هو إحدى الروايتين عن القاسم، وأحد قولي الناصر، والأستاذ رواية⁣(⁣١) عن ابني الهادي، إلا أن يكون مكرها على الترك أو مدافعا أو نحو ذلك مما يجوز معه ترك الصلاة في وقتها، فإنه يجب فيه القضاء اتفاقا⁣(⁣٢).

  وإنما الخلاف حيث تركها عامدًا لغير عذر؛ إذ الدليل إنما ورد في الناسي والنائم كما مر.

  واحتج أهل المذهب بأنه إذا لزم الناسي، فالعامد أولى، وضعف ذلك المؤلف أيده الله تعالى؛ لتجويز كون العلة في وجوب القضاء عليهما هي التدارك والتلافي للمصلحة الفايتة في حقهما، والعمد ربما لا يقبل التدارك؛ لعظم أمره، كما ذكروه في عدم لزوم الكفارة في قتل العمد واليمين الغموس.

  تنبيه: قد اختلف في وجوب القضاء على من أسلم، ولم يعلم بوجوب الصلاة، فقال المؤيد بالله: يلزمه القضاء، سواء أسلم في دار الإسلام أم في دار للكفر⁣(⁣٣). واختاره المهدي قال: لأن حاله ليس بأبلغ من حال النائم، والمعلوم أن النائم في حال نومه غير مكلف بعقلي ولا شرعي، ومع ذلك لم يسقط عنه القضاء، مع كونه في تعذر الأداء عليه أبلغ ممن أسلم ولم يعلم وجوب الصلاة. انتهى⁣(⁣٤). وعلى هذا فقد دخل تحت قوله: "غالبا" كالنائم.

  قوله أيده الله تعالى: (والعيد في ثانيه إلى الزوال [إن تركت]⁣(⁣٥) للبس) أي ويجب قضاء صلاة العيد في يوم ثانية فقط إلى الزوال فقط، فلا يجوز قضاؤها يوم العيد نفسه ولا بعد الزوال في اليوم الثاني.


(١) في (ب، ج): ورواية.

(٢) البحر الزخار ١/ ١٧١، والمهذب ص ٦٧، والناصريات ص ٢٥١.

(٣) في (ب، ج): في دار الكفر، وينظر: التذكرة الفاخرة ص ١٢٤، وشرح الأزهار ١/ ٣٣٧، وذكر في التحرير ١/ ١٠٦ وقال: ومن أسلم في دار الحرب ولم يعلم وجوب الصلاة، ثم حصل في دار الإسلام وعلم ذلك لم يجب عليه قضاء ما فاته على قياس يحيى. قلت: المختار للمذهب وجوب القضاء على من أسلم ولم يعلم وجوب الصلاة سواء أسلم في دار الإسلام أم في غيرها.

(٤) يظهر من عبارة البحر الزخار ١/ ١٧٢ أن الإمام المهدي يخالف المؤيد بالله، ويوافق ما خرجه أبو طالب للهادي؛ إذ قال المؤيد بالله: يجب أي القضاء على من أسلم ولم يعلم وجوبها، قال الإمام المهدي: لا وجه - أي لقول المؤيد بالله - ولعل للإمام المهدي تفصيل، وما ذكره ابن بهران من الغيث.

(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب).