كتاب الصلاة
  والخلاف في وجوب قضاء صلاة العيد متفرع على الخلاف في وجوبها نفسها(١).
  قوله أيده الله تعالى: (وتقضى بصفة الفائت غالبًا) أي يجب أن تصلى المقضية بصفة الفائتة من: قصر، وتمام، وجهر، وإسرار، فمن فاتت عليه صلاة مقصورة قضاها كذلك، ولو كان قد صار مقيما حال القضاء. هذا مذهبنا. ذكره أبو العباس(٢).
  وقال الناصر، والشافعي في الجديد: إذا قضى المقصورة وقد صار مقيمًا وجب أن يقضيها تاما؛ لأن سبب الرخصة قد زال(٣).
  وقال الشافعي في القديم: يخير بين التمام والقصر(٤).
  وهكذا لو فاتت عليه جهرية وأراد أن يقضيها في النهار، فإنه يجب أن يقضيها جهرًا كما فاتت عليه(٥)، وقال المنصور بالله: يخير في النهار بين الجهر والإسرار، وكذا الكلام في العكس: حيث فاتت عليه صلاة في الحضر، وأراد قضاءها في السفر، وحيث فاتت عليه إحدى الصلوات السرية، وأراد أن يقضيها ليلًا؛ فإنه يصلي الأولى تماما، ويقرأ في الثانية سرًا كما فات(٦).
  قال في الأزهار: وإن تغير اجتهاده(٧)، وإنما أسقط ذلك في الأثمار استغناء بما سبق ذكره في مقدمة الكتاب من التفصيل في تغير الاجتهاد.
  وقوله: "غالبا" احتراز مما إذا فاتت عليه صلاة وهو في حال لا يجب معه القيام، فإنه لا يقضيها من قعود بعد أن يمكنه(٨) القيام(٩).
(١) فعند الشافعية أنه إذا شهد شاهد أن يوم الثلاثين بعد الزوال برؤية الهلال ففيه قولان: أحدهما: لا يقضي. والثاني: يقضي، وهو الصحيح، فإن أمكن جمع الناس وصلى بهم في يومهم، فإن لم يمكن صلى بهم الغد. المهذب ١/ ٣٩٦. وعند الحنابلة إذا لم يعلم بها إلا بعد الزوال خرج من الغد فصلى بهم. الكافي في فقه الإمام أحمد ص ١٤٩، والقضاء عند الحنابلة في ثانية لا يجب بل يستحب، وكذلك عند الشافعية. مغني المحتاج ١/ ٣١٥، والمغني ٢/ ٢٥٠، والإنصاف ١/ ٤٣٤. أما المالكية، وأبو حنيفة، وأبو ثور فذهبوا إلى أنه لا تصلى صلاة العيدين في غير يوم العيد. عيون المجالس ١/ ٤٣٣، ومختصر الطحاوي ص ٣٨.
(٢) التحرير ١/ ١٠٥، وشرح الأزهار ١/ ٣٣٨، والبحر الزخار ١/ ٩٧٤، والمهذب ١/ ٣٤١.
(٣) التذكرة الفاخرة ص ١٢٤.
(٤) المهذب ١/ ٣٤٠.
(٥) التذكرة الفاخرة ص ١٢٤، وشرح الأزهار ١/ ٣٣٨.
(٦) المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله ص ٦٩.
(٧) شرح الأزهار ١/ ٣٣٨.
(٨) في (ج): بعد أن أمكنه.
(٩) البحر الزخار ١/ ١٧٤.