كتاب الصلاة
  قوله أيده الله تعالى: (وللعذر ممكنه) فمن فاتت عليه صلاة في حال صحته جاز أن يقضيها قاعدًا؛ لتعذر القيام عليه، وأن يقضي(١) بالتيمم للعذر ما فاته بالوضوء؛ لأن الواجب عليه أن يأتي بالقضاء حسبما يستطيع. ذكر معناه أبو العباس، ولا يعرف فيه خلاف. والله أعلم(٢).
  قوله أيده الله تعالى: (وفوره مع الفرض فرض) قد اختلف في وجوب القضاء: هل هو على الفور أو على التراخي؟ فظاهر مذهب الهادي أنه على الفور؛ لأن من مذهبه أن الواجبات على الفور، لكنه ذكر في المنتخب فيمن فاتته صلوات أنه إن شاء قضى مع كل صلاة صلاة(٣)، فحمل على أن الفور عنده في قضاء الصلاة أن يُقْضَى مع كل فرض فرض(٤)، بمعنى أن الواجب عليه من تعجيل القضاء أن يقضي كل يوم خمس فرائض، ولا يلزمه أكثر من ذلك، فإن زاد فحسن.
  وإنما كان كذلك؛ لأن الفائتة أخف حكمًا من المؤداة، ولم يجب كل يوم من المؤداة إلا خمس، فلا يجب فيه من القضاء إلا خمس؛ لأن أكثر من ذلك يؤدي إلى الحرج والمشقة(٥).
  ولا يجب عليه أن يأتي بهذه الخمس مفرقة على أوقات الفروض المؤداة، بل إن شاء(٦) فرقها كذلك، وإن شاء صلاها جميعا في أي وقت شاء، من ليل أو نهار(٧).
  وفي مهذب الشافعية: أنه يستحب القضاء على الفور، وإن أخرها جاز، وعن أبي إسحاق أن القضاء على الفور إن فاتت لغير عذر، لا إن فاتت لعذر(٨).
  قوله أيده الله تعالى: (ولا يجب ترتيب) يعني بين المؤداة والمقضية حيث قضى مع الفرض
(١) في (ب، ج): ويقضي.
(٢) التحرير ١/ ١٠٥، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٥، وشرح الأزهار ١/ ٣٣٩.
(٣) المنتخب ص ٤٨.
(٤) في (ب): أن يقضي مع كل فرض فرضا على أنه مفعول به لـ"يقضي" المبني للفاعل.
(٥) شرح الأزهار ١/ ٣٣٩، والبحر الزخار ١/ ١٧٧، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٥.
(٦) في الأصل: بل إن سافر فرقها.
(٧) شرح الأزهار ١/ ٣٤٠.
(٨) المهذب ١/ ١٩٤.