كتاب الصلاة
  فرضا، بل يبدأ بأيها شاء، هذا مذهبنا(١)، وهو قول الشافعي، لكن يستحب تقديم الفائتة إن لم يخش فوت الحاضرة(٢)؛ لفعل النبي ÷ يوم الخندق(٣).
  وعن الحنفية، ومالك: أنه يجب تقديم الفائتة. ومثله عن زيد بن علي والناصر(٤).
  قال محمد: وإنما يجب ذلك إذا كان الفائت دون خمس صلوات، لا في الخمس فما فوق، وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: يجب في الخمس فما دون(٥).
  وقال مالك: بل يجب ولو كثرت(٦). ومثله عن زيد بن علي.
  وأما حيث خشي فوت الحاضرة فقياس المذهب أن الفائتة لا تجزيه في وقت تضيق الحاضرة؛ لأنه مخاطب بتقديم الحاضرة.
  وقال مالك: يجب تقديم الفائتة، ولو خشي فوت الحاضرة، إلا حيث ذكر الفائتة بعد الدخول في الحاضرة، فيمضي فيها عنده استحبابا، ثم يأتي بالفائتة.
  وإن لم يذكر إلا بعد فراغه من الحاضرة فقد صحت اتفاقا(٧). ذكر معناه في الغيث. والله أعلم.
  قوله أيده الله تعالى: (ولا بين المقضيات(٨)) أي ولا يجب الترتيب بين المقضيات أيضًا، لكن المستحب أن يقضيها مرتبة(٩) كفعل النبي ÷ يوم الخندق.
(١) أصول الأحكام ١/ ١٥٨، وبه قال أحمد بن حنبل في قليل الصلوات وكثيرها. المغني ١/ ٦٤١.
(٢) المهذب ١/ ١٩٣، والأم ٢/ ٤٦، والحاوي ٢/ ٤٦.
(٣) صحيح البخاري ص ١٢٢ رقم (٥٩٦)، كتاب مواقيت الصلاة - باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، وصحيح مسلم ص ٢٨٤ رقم (٦٣١)، كتاب المساجد - باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وسنن النسائي ص ١١٣ رقم (٦٦١)، كتاب الأذان - باب الاجتزاء لذلك كله بأذان واحد والإقامة لك واحدة منهما، وسنن الترمذي ص ٤٨ رقم (١٧٩)، كتاب أبواب الصلاة - باب ما جاء في الرجل تفوته الصلاة بأيتهن يبدأ، ومسند أحمد ٣/ ٤٩ رقم (١١٤٨٣).
(٤) الهداية ١/ ٨٨، وشرح الأزهار ١/ ٣٤٠، والبحر الزخار ١/ ١٧٢، والكافي في فقه أهل المدينة ١/ ٩٠.
(٥) الهداية ١/ ٨٨.
(٦) الكافي في فقه أهل المدينة ١/ ٩٠، وقال: تحصيل مذهب مالك أن الترتيب مستحب في المنسيات ليس بواجب، والمدونة ١/ ٢١٤ وما بعدها.
(٧) الكافي في فقه أهل المدينة ١/ ٩٠، والمدونة ١/ ٢١٤، ٢١٥.
(٨) في (ج): ولا بين مقضيات.
(٩) شرح الأزهار ١/ ٣٤٠، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٥، والبحر الزخار ١/ ١٧٢.