تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح خطبة الأثمار]

صفحة 92 - الجزء 1

  عند الشدائد، فأصله عنده وِلاهٌ، فأبدلت الواو المكسورة همزة كقوله: إشاح في وشاح، [والقول الأول أقرب]⁣(⁣١). والله أعلم.

  ويعلم مما سبق أن الله ليس بِعَلَم للباري ø(⁣٢)؛ لأن الأعلام [لا تدل]⁣(⁣٣) على معنى، وإنما هي ألقابٌ يقصد بها تمييز مسماها عن غيره، فهي للغائب بمنزلة الإشارة الحسية في الحاضر، والباري ø متميز بصفاته التي لا مشارك له فيها، ولا يجوز أن يجري عليه من الألفاظ إلاَّ ما أفاد معنى يصح إطلاقه عليه.

  وذهب كثيرون إلى أنه عَلَمٌ لربنا جل ذكره⁣(⁣٤)؛ واحتجوا على ذلك بأنه لو لم يكن علمًا له لم يكن قولنا: لا إله إلاَّ الله توحيدًا؛ إذ هو بمنزلة قول القائل: لا إله إلا الإله، ولا يقال بأن التعريف في «الإله» المستثنى للعهد، فيصح كون ذلك توحيدًا؛ لأنهم لا يسلِّمون توقف كونه توحيدًا على اعتبار عهدٍ.

  قالوا: وأيضا فالمراد بـ «الإله» في كلمة التوحيد: إما المعبود بالحق، فيلزم استثناء الشيء من نفسه، فكأنه قيل: لا معبود بالحق إلا المعبود بالحق، أو يراد به مطلق المعبود بحق أو باطل، فكأنه قيل: لا معبود إلا المعبود بالحق، فيلزم الكذب؛ لكثرة المعبودات بالباطل، فيجب أن يكون إله بمعنى المعبود بحق؛ والله: علم لربنا عز وعلا؛ حتى يكون توحيدًا.

  وذكر بعض العلماء⁣(⁣٥) المحققين أن الذي منع منه أهل القول الأول هو أن يكون علمًا بالوضع؛ إذ هو الذي يلزم منه ما ذكر⁣(⁣٦).

  وأما كونه صار علماً له تعالى بالغلبة مع ملاحظة أصل معناه فلا وجه للمنع من ذلك، والله أعلم.


= بن الجوزي (ت: ٥٩٧ هـ) - المكتب الإسلامي - ط ٤ (١٤٠٧ هـ/١٩٨٧ م) ١/ ٩.

(١) في (ش): والصحيح الأول؛ إذ لم يسمع ولاه، كما يسمع وشاح.

(٢) في (ش) زيادة: كما يقوله بعض الناس. ينظر: مفتاح السعادة، للعلامة علي بن محمد العجري (ت: ١٤٠٧ هـ)، تحقيق: عبد الله حمود العزي - مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية - ط ١ (١٤٢٤ هـ/٢٠٠٣ م) ١/ ٣٣٩.

(٣) في (ش): لا تفيد.

(٤) تفسير مفاتيح الغيب للرازي ١/ ١٦٢، حيث قال: والمختار عندنا أن هذا اللفظ اسم علم، وهو قول الخليل، وسيبويه، وأكثر الأصوليين، والفقهاء.

(٥) سقط من (ج، ش) كلمة: العلماء. قلت: هو العلامة عبد الله بن محمد النجري في شرح القلائد (خ). وينظر: مفتاح السعادة ١/ ٣٤٣.

(٦) وقال النجري: وبه صرح كثير من أهل العربية؛ فالخلاف يعود إلى الوفاق. ينظر: المراجع السابقة.