كتاب الصلاة
  قال في الشرح: يعني أن الولاية شرط في الوجوب والصحة، فلا تصح صلاة الجمعة إلا مع وجود إمام وولايته؛ لقوله ÷: «أربعة إلى الأئمة: الحدود، والجمعات، والفيء، والصدقات»(١).
  وقوله: "غالبا" احتراز من أن يتضيق الوقت، ولا يمكن أخذ الولاية، فإنها تصح الجمعة من دون تولية للعذر، وسواء كان في بلد حكمة الإمام أو في غيره. ويحترز من أن تكون إقامة الجمعة في موضع نازح عن الإمام، وكان أهله ممن لا يقول بإمامة الإمام، وبوجوب(٢) اتباعه وامتثال أمره، فإن صلاة الجمعة لا تصح حينئذ، ولو كانت ثمة ولاية مع أحدهم؛ لأنها شرعت للشعار، وأما مع كونهم ممن يقول بإمامته، فإنها تصح مع أخذ الولاية، كما هو مفهوم الأثمار، هكذا اختاره المؤلف أيده الله، ولذلك عدل عن عبارة الأزهار؛ لأنها(٣) توهم أنها لا تصح إلا مع الولاية(٤) ولو تعذر أخذها لضيق الوقت، كما هو ظاهر قول المؤيد بالله(٥)، وليس كذلك؛ ولأن الاعتزاء إليه في غير بلد ولايته غير كاف من دون ولاية؛ إذ لا دليل على ذلك، خلاف ما في الأزهار(٦)، وهو ظاهر قول أبي طالب.(٧) والله أعلم.
  والقول باشتراط الإمام هو المذهب، وبه قال أبو حنيفة(٨)؛ للحديث المتقدم؛ ولأن النبي ÷ لم يقمها غيره أو من ولاه. لكن أبا حنيفة يقول: لو كان الإمام جائرًا(٩)؛ للخبر المتقدم.
  وعند الشافعي، ورواية عن مالك: أن الإمام غير شرط؛ لأن آية الجمعة لم تفصل(١٠).
(١) مصنف ابن أبي شيبة ٥/ ٥٠٦.
(٢) في (ب): ووجوب اتباعه.
(٣) في الأصل: لأنه توهم.
(٤) في (ب): إلا مع ذكر الولاية.
(٥) البحر الزخار ١/ ١٠.
(٦) لفظ الأزهار ص ٥٠: وإمام عادل غير مأيوس، وتوليته في ولايته أو الاعتزاء إليه في غيرها.
(٧) التحرير ١/ ١٠٧، ١١١، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٧، والبحر الزخار ١/ ١٠، وشرح الأزهار ١/ ٣٤٧.
(٨) وبه قال الحسن البصري، والأوزاعي. التحرير ١/ ١١٠، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٤٥، وأصول الأحكام ١/ ١٧٤، وعيون المجالس ١/ ٤٠١، والبحر الزخار ١/ ١٠١.
(٩) بدائع الصنائع ١/ ٢٦١، واللباب في شرح الكتاب ١/ ١١٠، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٤٥.
(١٠) عيون المجالس ١/ ٤٠١، والمهذب ١/ ٣٨٤.