تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 355 - الجزء 2

  أما المسجد فاشترطه الهادي⁣(⁣١)؛ إذ لم يقمها النبي ÷ إلا فيه.

  قال في الانتصار: والظاهر أن المسجد شرط للوجوب لا للصحة.

  وعند المؤيد بالله⁣(⁣٢)، والأكثر: أن المسجد ليس بشرط⁣(⁣٣)؛ لأن النبي ÷ صلى أولى جمعة بالمدينة، في بني سالم، في مسلك الوادي⁣(⁣٤).

  وأما المستوطن فعند الهادي أنه يكفي كونه وطنًا لطائفة من المسلمين، سواء كان مصرا، أم قرية، أم منهلًا مستوطنًا⁣(⁣٥)، ويعتبر بما ينسب إلى ذلك المستوطن، وإن خرج من ميله على الأرجح.

  وقال المؤيد بالله: يشترط أن يكون ذلك المستوطن مصرًا جامعا⁣(⁣٦)؛ لقوله ÷: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع»، ولم يشترط المسجد. وإلى مثله ذهب أبو حنيفة وأصحابه⁣(⁣٧)، وهو مروي عن زيد بن علي، والباقر⁣(⁣٨).

  واختلف هل المصر عند المؤيد بالله شرط في الوجوب أو في الصحة، والأول أقرب⁣(⁣٩).

  واختلف في تفسير المصر الجامع: قال في الغيث: الأقرب أن المصر عند العرب البلد الواسع المستمر سوقه، ووجود ما يحتاج إليه الناس فيه في غالب الأحوال، في معاشهم، ورياشهم، وما يتبعها⁣(⁣١٠). قلنا: الحديث ضعفه أحمد⁣(⁣١١).


(١) الأحكام ١/ ١٨٦، والتحرير ١/ ١٠٨، وشرح الأزهار ١/ ٣٤٨، والتذكرة الفاخرة ١٢٧.

(٢) في (ب): للمؤيد بالله.

(٣) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٧، وهو قول أبي حنيفة والشافعية. الحاوي ٣/ ١٢، والهداية ٣/ ٨٢.

(٤) مسلم ص ٢٩٥ رقم (٣٣)، كتاب المساجد - باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، والنسائي ص ٢٣٠ رقم (١٣٢٦)، كتاب السهو - باب تسليم المأموم حين يسلم الإمام، والطبراني في الكبير ٦/ ٣٠ رقم (٥٤١٤).

(٥) الأحكام ١/ ٨٦، وأصول الأحكام ١/ ١٧٢.

(٦) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٧.

(٧) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٢٩، والمبسوط ٢/ ٢٥، والبحر الرائق ٢/ ٢١٩.

(٨) مسند الإمام زيد ص ١٤٥، وشفاء الأوام ١/ ٣٩٥.

(٩) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨.

(١٠) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨. والمصر الجامع: كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام، ويقيم الحدود، وهذا عند أبي يوسف، وعنه أيضًا أنهم إذا اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يسعهم. ينظر: الهداية ١/ ٩٨.

(١١) أي حديث: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع»، وقد ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء ١/ ٢٩٠.