كتاب الصلاة
  أما المسجد فاشترطه الهادي(١)؛ إذ لم يقمها النبي ÷ إلا فيه.
  قال في الانتصار: والظاهر أن المسجد شرط للوجوب لا للصحة.
  وعند المؤيد بالله(٢)، والأكثر: أن المسجد ليس بشرط(٣)؛ لأن النبي ÷ صلى أولى جمعة بالمدينة، في بني سالم، في مسلك الوادي(٤).
  وأما المستوطن فعند الهادي أنه يكفي كونه وطنًا لطائفة من المسلمين، سواء كان مصرا، أم قرية، أم منهلًا مستوطنًا(٥)، ويعتبر بما ينسب إلى ذلك المستوطن، وإن خرج من ميله على الأرجح.
  وقال المؤيد بالله: يشترط أن يكون ذلك المستوطن مصرًا جامعا(٦)؛ لقوله ÷: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع»، ولم يشترط المسجد. وإلى مثله ذهب أبو حنيفة وأصحابه(٧)، وهو مروي عن زيد بن علي، والباقر(٨).
  واختلف هل المصر عند المؤيد بالله شرط في الوجوب أو في الصحة، والأول أقرب(٩).
  واختلف في تفسير المصر الجامع: قال في الغيث: الأقرب أن المصر عند العرب البلد الواسع المستمر سوقه، ووجود ما يحتاج إليه الناس فيه في غالب الأحوال، في معاشهم، ورياشهم، وما يتبعها(١٠). قلنا: الحديث ضعفه أحمد(١١).
(١) الأحكام ١/ ١٨٦، والتحرير ١/ ١٠٨، وشرح الأزهار ١/ ٣٤٨، والتذكرة الفاخرة ١٢٧.
(٢) في (ب): للمؤيد بالله.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٧، وهو قول أبي حنيفة والشافعية. الحاوي ٣/ ١٢، والهداية ٣/ ٨٢.
(٤) مسلم ص ٢٩٥ رقم (٣٣)، كتاب المساجد - باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، والنسائي ص ٢٣٠ رقم (١٣٢٦)، كتاب السهو - باب تسليم المأموم حين يسلم الإمام، والطبراني في الكبير ٦/ ٣٠ رقم (٥٤١٤).
(٥) الأحكام ١/ ٨٦، وأصول الأحكام ١/ ١٧٢.
(٦) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٧.
(٧) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٢٩، والمبسوط ٢/ ٢٥، والبحر الرائق ٢/ ٢١٩.
(٨) مسند الإمام زيد ص ١٤٥، وشفاء الأوام ١/ ٣٩٥.
(٩) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨.
(١٠) شرح الأزهار ١/ ٣٤٨. والمصر الجامع: كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام، ويقيم الحدود، وهذا عند أبي يوسف، وعنه أيضًا أنهم إذا اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يسعهم. ينظر: الهداية ١/ ٩٨.
(١١) أي حديث: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع»، وقد ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء ١/ ٢٩٠.